الرسم العثمانيمَّنْ خَشِىَ الرَّحْمٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ
الـرسـم الإمـلائـيمَنۡ خَشِىَ الرَّحۡمٰنَ بِالۡغَيۡبِ وَجَآءَ بِقَلۡبٍ مُّنِيۡبِۙ
تفسير ميسر:
يقال لهم; هذا الذي كنتم توعدون به - أيها المتقون - لكل تائب مِن ذنوبه، حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه، من الفرائض والطاعات، مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.
"من خشي الرحمن بالغيب" أي من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله عز وجل كقوله صلى الله عليه وسلم "ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه" "وجاء بقلب منيب" أي ولقي الله عز وجل يوم القيامة بقلب منيب سليم إليه خاضع لديه.
قوله تعالى ; من خشي الرحمن بالغيب " من " في محل خفض على البدل من قوله ; لكل أواب حفيظ أو في موضع الصفة ل " أواب " . ويجوز الرفع على الاستئناف ، والخبر " ادخلوها " على تقدير حذف جواب الشرط والتقدير فيقال لهم ; ادخلوها . والخشية بالغيب أن تخافه ولم تره . وقال الضحاك والسدي ; يعني في الخلوة حين لا يراه أحد . وقال الحسن ; إذا أرخى الستر وأغلق الباب .وجاء بقلب منيب مقبل على الطاعة . وقيل ; مخلص . وقال أبو بكر الوراق ; علامة المنيب أن يكون عارفا لحرمته ومواليا له ، متواضعا لجلاله تاركا لهوى نفسه . قلت ; ويحتمل أن يكون القلب المنيب القلب السليم ; كما قال تعالى ; إلا من أتى الله بقلب سليم على ما تقدم ; والله أعلم .
وقوله ( مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ) يقول; من خاف الله في الدنيا من قبل أن يلقاه, فأطاعه, واتبع أمره.وفي ( مَن ) في قوله ( مَنْ خَشِيَ ) وجهان من الإعراب; الخفض على إتباعه كلّ في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) والرفع على الاستئناف, وهو مراد به الجزاء من خشي الرحمن بالغيب, قيل له ادخل الجنة; فيكون حينئذ قوله ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ جوابا للجزاء أضمر قبله القول, وحمل فعلا للجميع, لأن ( مَن ) قد تكون في مذهب الجميع.وقوله ( وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) يقول; وجاء الله بقلب تائب من ذنوبه, راجع مما يكرهه الله إلى ما يرضيه.كما حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) ; أي منيب إلى ربه مُقْبل.
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ } أي: خافه على وجه المعرفة بربه، والرجاء لرحمته ولازم على خشية الله في حال غيبه أي: مغيبه عن أعين الناس، وهذه هي الخشية الحقيقية، وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم، فقد تكون رياء وسمعة، فلا تدل على الخشية، وإنما الخشية النافعة، خشية الله في الغيب والشهادة ويحتمل أن المراد بخشية الله بالغيب كالمراد بالإيمان بالغيب وأن هذا مقابل للشهادة حيث يكون الإيمان والخشية ضروريًا لا اختياريًا حيث يعاين العذاب وتأتي آيات الله وهذا هو الظاهر { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } أي: وصفه الإنابة إلى مولاه، وانجذاب دواعيه إلى مراضيه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - ق٥٠ :٣٣
Qaf50:33