الرسم العثمانيثُمَّ رُدُّوٓا إِلَى اللَّهِ مَوْلٰىهُمُ الْحَقِّ ۚ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحٰسِبِينَ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ رُدُّوۡۤا اِلَى اللّٰهِ مَوۡلٰٮهُمُ الۡحَـقِّؕ اَلَا لَهُ الۡحُكۡمُ وَهُوَ اَسۡرَعُ الۡحَاسِبِيۡنَ
تفسير ميسر:
ثم أعيد هؤلاء المتوفون إلى الله تعالى مولاهم الحق. ألا له القضاء والفصل يوم القيامة بين عباده وهو أسرع الحاسبين.
وقوله "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق" قال ابن جرير "ثم ردوا" يعني الملائكة "إلى الله مولاهم الحق" ونذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال; حدثنا حسين بن محمد حدثنا ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا تزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل وإذا كان الرجل السوء قالوا اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول ويجلس الرجل السوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الثاني" وهذا حديث غريب ويحتمل أن يكون المراد بقوله "ثم ردوا" يعني الخلائق كلهم إلى الله يوم القيامة فيحكم فيهم بعدله كما قال "قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم" وقال "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا" إلى قوله "ولا يظلم ربك أحدا" ولهذا قال "مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين".
ثم ردوا إلى الله أي ردهم الله بالبعث للحساب .مولاهم الحق أي خالقهم ورازقهم وباعثهم ومالكهم . " الحق " بالخفض قراءة الجمهور ، على النعت والصفة لاسم الله تعالى . وقرأ الحسن " الحق " بالنصب على إضمار ; أعني ، أو على المصدر ، أي حقا .ألا له الحكم أي اعلموا وقولوا ; له الحكم وحده يوم القيامة ، أي القضاء والفصل .وهو أسرع الحاسبين أي لا يحتاج إلى فكرة وروية ولا عقد يد . وقد تقدم
القول في تأويل قوله ; ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (62)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ثم ردت الملائكة الذين توفَّوهم فقبضوا نفوسهم وأرواحهم، إلى الله سيدهم الحق، (20) " ألا له الحكم "، يقول; ألا له الحكم والقضاء دون من سواه من جميع خلقه (21) =" وهو أسرعُ الحاسبين "، يقول; وهو أسرع من حسب عددكم وأعمالكم وآجالكم وغير ذلك من أموركم، أيها الناس, وأحصاها، وعرف مقاديرها ومبالغها, (22) لأنه لا يحسب بعقد يد, ولكنه يعلم ذلك ولا يخفى عليه منه خافية, و لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (23) [سورة سبأ; 3].----------------------------الهوامش ;(20) انظر تفسير"المولى" فيما سلف 6; 141/7 ; 278 ، وغيرها من فهارس اللغة مادة (ولي).(21) انظر تفسير"الحكم" فيما سلف 9; 175 ، 324 ، 462.(22) انظر تفسير"الحساب" فيما سلف; 207 ، 274 ، 275/6 ; 279.(23) هذا تضمين آية"سورة سبأ"; 3.
{ ثُمَّ } بعد الموت والحياة البرزخية، وما فيها من الخير والشر { رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ } أي: الذي تولاهم بحكمه القدري، فنفذ فيهم ما شاء من أنواع التدبير، ثم تولاهم بأمره ونهيه، وأرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، ثم ردوا إليه ليتولى الحكم فيهم بالجزاء، ويثيبهم على ما عملوا من الخيرات، ويعاقبهم على الشرور والسيئات،وَلهذا قال: { أَلَا لَهُ الْحُكْمُ } وحده لا شريك له { وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ } لكمال علمه وحفظه لأعمالهم، بما أثبتته في اللوح المحفوظ، ثم أثبته ملائكته في الكتاب، الذي بأيديهم، فإذا كان تعالى هو المنفرد بالخلق والتدبير، وهو القاهر فوق عباده، وقد اعتنى بهم كل الاعتناء، في جميع أحوالهم، وهو الذي له الحكم القدري، والحكم الشرعي، والحكم الجزائي، فأين للمشركين العدولُ عن من هذا وصفه ونعته، إلى عبادة من ليس له من الأمر شيء، ولا عنده مثقال ذرة من النفع، ولا له قدرة وإرادة؟!. أما والله لو علموا حلم الله عليهم، وعفوه ورحمته بهم، وهم يبارزونه بالشرك والكفران، ويتجرءون على عظمته بالإفك والبهتان، وهو يعافيهم ويرزقهم لانجذبت، دواعيهم إلى معرفته، وذهلت عقولهم في حبه. ولمقتوا أنفسهم أشد المقت، حيث انقادوا لداعي الشيطان، الموجب للخزي والخسران، ولكنهم قوم لا يعقلون.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٦٢
Al-An'am6:62