الرسم العثمانيوَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتٰبًا فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوٓا إِنْ هٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَوۡ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ كِتٰبًا فِىۡ قِرۡطَاسٍ فَلَمَسُوۡهُ بِاَيۡدِيۡهِمۡ لَقَالَ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡۤا اِنۡ هٰذَاۤ اِلَّا سِحۡرٌ مُّبِيۡنٌ
تفسير ميسر:
ولو نزَّلنا عليك -أيها الرسول- كتابًا من السماء في أوراق فلمسه هؤلاء المشركون بأيديهم لقالوا; إنَّ ما جئت به -أيها الرسول- سحر واضح بيِّن.
يقول تعالى مخبرا عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق ومباهتتهم ومنازعتهم فيه "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم" أي عاينوه ورأوا نزوله وباشروا ذلك لقال "الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" وهذا كما قال تعالى مخبرا عن مكابرتهم للمحسوسات "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون" وكقوله تعالى "وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم" .
قوله تعالى ; ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبينقوله تعالى ; ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس الآية . المعنى ; ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلاما مكتوبا في قرطاس وعن ابن عباس ; كتابا معلقا بين السماء والأرض ، وهذا يبين لك أن التنزيل على وجهين ; أحدهما ; على معنى نزل عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به . والآخر ; ولو نزلنا كتابا في قرطاس يمسكه الله بين السماء والأرض ; وقال ; نزلنا على المبالغة بطول مكث الكتاب بين السماء والأرض ، والكتاب مصدر بمعنى الكتابة ، فبين أن الكتابة في قرطاس ; لأنه غير معقول كتابة إلا في قرطاس ، أي ; في صحيفة والقرطاس الصحيفة ; ويقال ; قرطاس بالضم ; وقرطس فلان إذا رمى فأصاب الصحيفة الملزقة بالهدف . فلمسوه بأيديهم أي ; فعاينوا ذلك ومسوه باليد كما اقترحوا وبالغوا في ميزه وتقليبه جسا بأيديهم ، ليرتفع كل ارتياب ، ويزول عنهم كل إشكال ، لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم ، وقالوا ; سحر مبين إنما سكرت أبصارنا وسحرنا ; وهذه الآية جواب لقولهم ; حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه فأعلم الله بما سبق في علمه من أنه لو نزل لكذبوا به . قال الكلبي ; نزلت في النضر بن الحارث ، وعبد الله بن أبي أمية ، ونوفل بن خويلد ، قالوا ; لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا الآية .
القول في تأويل قوله ; وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)قال أبو جعفر; وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثانَ والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره; وكيف يتفقهون الآيات, أم كيف يستدِلُّون على بُطْلان ما هم عليه مُقِيمون من الكفر بالله وجحودِ نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته, وهم لعنادهم الحقَّ وبعدِهم من الرشد, لو أنـزلت عليك، يا محمد، الوحيَ الذي أنـزلته عليك مع رسولي، في قِرْطاس يعاينونه ويمسُّونه بأيديهم، (22) وينظرون إليه ويقرءونه منه، معلَّقًا بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما تأتيهم به من توحيدي وتنـزيلي, لقال الذين يعدلُون بي غيري فيشركون في توحيدِي سواي; " إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ" ، أي; ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا, ليست له حقيقة ولا صحة (23) =" مبين " ، يقول; مبين لمن تدبّره وتأمَّله أنه سحر لا حقيقة له. (24)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;13073 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره; " كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم " ، قال; فمسوه ونظروا إليه، لم يصدِّقوا به .13074 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; " ولو نـزلنا عليك كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم " ، يقول; فعاينوه معاينة =" لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبين ".13075 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; " ولو نـزلنا عليك كتابًا في قرطاس فلمسوه بأيديهم " ، يقول; لو نـزلنا من السماء صُحُفًا فيها كتاب فلمسوه بأيديهم, لزادهم ذلك تكذيبًا.13076- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; " ولو نـزلنا عليك كتابًا في قرطاس " ، الصحف.13077- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله; " في قرطاس " ، يقول; في صحيفة =" فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إنْ هذا إلا سحرٌ مبين ".---------------الهوامش ;(22) انظر تفسير"لمس" فيما سلف 8; 399/ 10 ; 83 .(23) انظر تفسير"السحر" فيما سلف 2; 436 - 442.(24) انظر تفسير"مبين" فيما سلف 10 ; 575 ، تعليق; 3 ، والمراجع هناك.
هذا إخبار من الله لرسوله عن شدة عناد الكافرين، وأنه ليس تكذيبهم لقصور فيما جئتهم به، ولا لجهل منهم بذلك، وإنما ذلك ظلم وبغي، لا حيلة لكم فيه، فقال: { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ } وتيقنوه { لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } ظلما وعلوا { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } فأي بينة أعظم من هذه البينة، وهذا قولهم الشنيع فيها، حيث كابروا المحسوس الذي لا يمكن مَن له أدنى مسكة مِن عقل دفعه؟\"
(الواو) استئنافيّة
(لو) حرف شرط غير جازم
(نزّلنا) فعل ماض مبني على السكون ...
(ونا) ضمير فاعلـ (على) حرف جر و (الكاف) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (نزلنا) ،
(كتابا) مفعول به منصوبـ (في قرطاس) جارّ ومجرور متعلق بـ (كتابا)
(الفاء) عاطفة
(لمسوا) فعل ماض وفاعله و (الهاء) ضمير مفعول به
(بأيدي) جار ومجرور متعلق بـ (لمسوه) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(اللام) واقعة في جواب لو (قال) فعل ماض
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل(كفورا) فعل ماض وفاعله
(إن) حرف نفي(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ
(إلا) أداة حصر
(سحر) خبر مرفوع
(مبين) نعت مرفوع.
جملة «نزّلنا ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «لمسوه ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «قال الذين ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «إن هذا إلا سحر» في محلّ نصب مقول القول.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٧
Al-An'am6:7