الرسم العثمانيوَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصٰرِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُۥ لَمَجْنُونٌ
الـرسـم الإمـلائـي وَاِنۡ يَّكَادُ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا لَيُزۡلِقُوۡنَكَ بِاَبۡصَارِهِمۡ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكۡرَ وَيَقُوۡلُوۡنَ اِنَّهٗ لَمَجۡنُوۡنٌۘ
تفسير ميسر:
وإن يكاد الكفار حين سمعوا القرآن ليصيبونك -أيها الرسول- بالعين؛ لبغضهم إياك، لولا وقاية الله وحمايته لك، ويقولون; -حسب أهوائهم- إنه لمجنون.
"إن" هي المخففة من الثقيلة. "ليزلقونك" أي يعتانونك. أخبر بشدة عداوتهم النبي صلي الله عليه وسلم, وأرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا; ما رأينا مثله ولا مثل حججه. وقيل; كانت العين في بني أسد, حتى إن البقرة السمينة أو الناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول; يا جارية, خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة, فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر. وقال الكلبي; كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئا يومين أو ثلاثة, ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم فيقول; لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة هالكة. فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلي الله عليه وسلم بالعين فأجابهم; فلما مر النبي صلي الله عليه ويلم أنشد; قد كان قومك يحسبونك سيدا وإخال أنك سيد معيون فعصم الله نبيه صلي الله عليه وسلم ونزلت; "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك". وذكر نحوه الماوردي. وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحدا - يعني في نفسه وماله - تجوع ثلاثة أيام, ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول; تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثر منه ولا أحسن; فيصيبه بعينه فيهلك هو ومال; فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال القشيري; وفي هذا نظر; لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض; ولهذا قال;
قوله تعالى ; وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون[ ص; 235 ] قوله تعالى ; وإن يكاد الذين كفروا إن هي المخففة من الثقيلة . " ليزلقونك " أي يعتانونك ." بأبصارهم " أخبر بشدة عداوتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا ; ما رأينا مثله ولا مثل حججه . وقيل ; كانت العين في بني أسد ، حتى إن البقرة السمينة أو الناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول ; يا جارية ، خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة ، فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر . وقال الكلبي ; كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئا يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم فيقول ; لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه . فما تذهب إلا قليلا حتى تسقط منها طائفة هالكة . فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم ; فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد ;قد كان قومك يحسبونك سيدا وإخال أنك سيد معيونفعصم الله نبيه صلى الله عليه وسلم ونزلت ; وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك . وذكر نحوه الماوردي . وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحدا - يعني في نفسه وماله - تجوع ثلاثة أيام ، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول ; تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثر منه ولا أحسن ; فيصيبه بعينه فيهلك هو وماله ; فأنزل الله تعالى هذه الآية . قال القشيري ; وفي هذا نظر ; لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض ; ولهذا قال ;ويقولون إنه لمجنون أي ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن .قلت ; أقوال المفسرين واللغويين تدل على ما ذكرنا ، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله . ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك . وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش وأبو وائل ومجاهد " ليزهقونك " أي ليهلكونك . وهذه قراءة على التفسير ، من زهقت نفسه وأزهقها . وقرأ أهل المدينة " ليزلقونك " بفتح الياء . وضمها الباقون ; وهما لغتان بمعنى ; يقال ; زلقه يزلقه وأزلقه يزلقه إزلاقا إذا نحاه وأبعده . وزلق رأسه يزلقه زلقا إذا حلقه . وكذلك أزلقه وزلقه تزليقا . ورجل زلق وزملق - مثال هدبد - وزمالق وزملق - بتشديد الميم - وهو الذي ينزل قبل أن يجامع ; حكاه الجوهري وغيره . فمعنى الكلمة إذا التنحية والإزالة ; وذلك لا يكون في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهلاكه وموته . قال الهروي ; أراد ليعتانونك بعيونهم فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك . وقال ابن عباس ; ينفذونك بأبصارهم ; يقال ; زلق السهم وزهق إذا نفذ ; وهو قول مجاهد . أي ينفذونك من شدة نظرهم . وقال [ ص; 236 ] الكلبي ; يصرعونك . وعنه أيضا والسدي وسعيد بن جبير ; يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة . وقال العوفي ; يرمونك . وقال المؤرج ; يزيلونك . وقال النضر بن شميل والأخفش ; يفتنونك . وقال عبد العزيز بن يحيى ; ينظرون إليك نظرا شزرا بتحديق شديد . وقال ابن زيد ; ليمسونك . وقال جعفر الصادق ; ليأكلونك . وقال الحسن وابن كيسان ; ليقتلونك . وهذا كما يقال ; صرعني بطرفه ، وقتلني بعينه . قال الشاعر ;ترميك مزلقة العيون بطرفها وتكل عنك نصال نبل الراميوقال آخر ;يتقارضون إذا التقوا في مجلس نظرا يزل مواطئ الأقداموقيل ; المعنى أنهم ينظرون إليك بالعداوة حتى كادوا يسقطونك . وهذا كله راجع إلى ما ذكرنا ، وأن المعنى الجامع ; يصيبونك بالعين . والله أعلم .
وقوله; (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول جلّ ثناؤه; وإن يكاد الذين كفروا يا محمد يَنْفُذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظا عليك. وقد قيل; إنه عُنِيَ بذلك; وإن يكان الذين كفروا مما عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمد، ويصرعونك، كما تقول العرب; كاد فلان يصرعني بشدة نظره إليّ، قالوا; وإنما كانت قريش عانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوه بالعين، فنظروا إليه ليعينوه، وقالوا; ما رأينا رجلا مثله، أو إنه لمجنون، فقال الله لنبيه عند ذلك; وإن يكاد الذين كفروا ليرمونك بأبصارهم (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ).وبنحو الذي قلنا في معنى (لَيُزْلِقُونَكَ ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، في قوله; (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) يقول; يُنْفُذونك بأبصارهم من شدّة النظر، يقول ابن عباس; يقال للسهم; زَهَق السهم أو زلق.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول; لَيَنْفُذونك بأبصارهم.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول; ليزهقونك بأبصارهم.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا هشيم، قال; أخبرنا معاوية، عن إبراهيم، عن عبد الله أنه كان يقرأ ; ( وَإنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْهِقُونَكَ ).حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في، قوله; (لَيُزْلِقُونَكَ ) قال; لينفذونك بأبصارهم.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله; (لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) قال; ليزهقونك، وقال الكلبي ليصْرَعونك.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) لينفذونك بأبصارهم معاداة لكتاب الله، ولذكر الله.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ) يقول; يَنْفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء.واختلفت القرّاء في قراءة قوله; (لَيُزْلِقُونَكَ ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة ( لَيَزْلِقُونَكَ ) بفتح الياء من زلقته أزلقه زَلْفًا. وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة (لَيُزْلِقُونَكَ ) بضم الياء من أزلقه يُزْلِقه.والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان في العرب متقاربتا المعنى؛ والعرب تقول للذي يحْلِق الرأس; قد أزلقه وزلقه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقوله; (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) يقول; لما سمعوا كتاب الله يتلى (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ) يقول تعالى ذكره; يقول هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم إن محمدا لمجنون، وهذا الذي جاءنا به من الهذيان الذي يَهْذِي به في جنونه.
فجعل الله له العاقبة { والعاقبة للمتقين } ولم يدرك أعداؤه فيه إلا ما يسوءهم، حتى إنهم حرصوا على أن يزلقوه بأبصارهم أي: يصيبوه بأعينهم، من حسدهم وغيظهم وحنقهم، هذا منتهى ما قدروا عليه من الأذى الفعلي، والله حافظه وناصره، وأما الأذى القولي، فيقولون فيه أقوالًا، بحسب ما توحي إليهم قلوبهم، فيقولون تارة \"مجنون\" وتارة \"ساحر\" وتارة \"شاعر\".
(الواو) استئنافيّة
(إن) مخفّفة من الثقيلة واجبة الإهمالـ (اللام) هي الفارقة
(بأبصارهم) متعلّق بـ (يزلقونك) ،
(لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب المقدّر
(الواو) عاطفة
(اللام) المزحلقة للتوحيد ...جملة: «يكاد الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة ...وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «يزلقونك ... » في محلّ نصب خبر يكاد وجملة: «سمعوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي كادوا يزلقونك.
وجملة: «يقولون ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يزلقونك وجملة: «إنّه لمجنون» في محلّ نصب مقول القول.
52-
(الواو) حاليّة
(ما) نافية مهملة
(إلّا) للحصر
(للعالمين) متعلّق بـ (ذكر) .
وجملة: «ما هو إلّا ذكر ... » في محلّ نصب حال.
انتهت سورة «القلم» ويليها سورة «الحاقة»سورة الحاقةآياتها 52 آية
- القرآن الكريم - القلم٦٨ :٥١
Al-Qalam68:51