الرسم العثمانيوَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدٰى لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرٰىهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِنۡ تَدۡعُوۡهُمۡ اِلَى الۡهُدٰى لَا يَسۡمَعُوۡا ؕ وَتَرٰٮهُمۡ يَنۡظُرُوۡنَ اِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
وإن تدعوا -أيها المشركون- آلهتكم إلى الاستقامة والسداد لا يسمعوا دعاءكم، وترى -أيها الرسول- آلهة هؤلاء المشركين مِن عبدة الأوثان يقابلونك كالناظر إليك وهم لا يبصرون؛ لأنهم لا أبصار لهم ولا بصائر.
قوله "وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" كقوله تعالى "إن تدعوهم لا يسمعوا دعاؤكم" الآية وقوله "وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" إنما قال "ينظرون إليك" أي يقابلونك بعيون مصورة كأنها ناظرة وهى جماد ولهذا عاملهم معاملة من يعقل لأنها على صور مصورة كالإنسان وتراهم ينظرون إليك فعبر عنها بضمير من يعقل وقال السدي; المراد بهذا المشركون وروي عن مجاهد نحوه والأول أولى وهو اختيار ابن جرير وقاله قتادة.
وإن تدعوهم إلى الهدى شرط ، والجواب لا يسمعوا .وتراهم مستأنف في موضع الحال . يعني الأصنام . ومعنى النظر فتح العينين إلى المنظور إليه ; وتراهم كالناظرين إليك . وخبر عنهم بالواو وهي جماد لا تبصر ; لأن الخبر جرى على فعل من يعقل . وقيل ; كانت لهم أعين من جواهر مصنوعة فلذلك قال ; وتراهم ينظرون وقيل ; المراد بذلك المشركون ، أخبر عنهم بأنهم لا يبصرون حين لم ينتفعوا بأبصارهم .
القول في تأويل قوله ; وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)قال أبو جعفر; يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل للمشركين; وإن تدعوا، أيها المشركون، آلهتكم إلى الهدى =وهو الاستقامة إلى السداد=(لا يسمعوا)، يقول; لا يسمعوا دعاءكم =(وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون).* * *وهذا خطاب من الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم. يقول; وترى، يا محمد، آلهتهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون = ولذلك وحَّد. (3) ولو كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بخطاب المشركين، لقال; " وترونهم ينظرون إليكم ". (4)* * *وقد روى عن السدي في ذلك ما; -15533 - حدثني محمد بن الحسين قال; حدثنا أحمد بن المفضل قال; حدثنا أسباط, عن السدي; (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) قال; هؤلاء المشركين.* * *وقد يحتمل قول السدي هذا أن يكون أراد بقوله; " هؤلاء المشركون "، قول الله; (وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا). وقد كان مجاهد يقول في ذلك، ما; -15534 - حدثني المثنى قال; حدثنا أبو حذيفة قال; حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح عن مجاهد; (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون)، ما تدعوهم إلى الهدى. وكأنّ مجاهدًا وجّه معنى الكلام إلى أن معناه; وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون = فهو وجهٌ, ولكن الكلام في سياق الخبر عن الآلهة، فهو بوصفها أشبه.* * *قال أبو جعفر; فإن قال قائل; فما معنى قوله; (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلى شيء ولا يراه؟قيل; إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئًا أو حاذاه; " هو ينظر إلى كذا ", ويقال; " منـزل فلان ينظر إلى منـزلي" إذا قابله. وحكي عنها; " إذا أتيتَ موضع كذا وكذا, فنظر إليك الجبل, فخذ يمينًا أو شمالا ". وحدثت عن أبي عبيد قال; قال الكسائي; " الحائط ينظر إليك " إذا كان قريبًا منك حيث تراه, ومنه قول الشاعر; (5) إِذَا نَظَــرْتَ بِــلادَ بَنِــي تَمِيــمٍبِعَيْــنٍ أَوْ بِــلادَ بَنِــي صُبَــاحِ (6)يريد; تقابل نبتُها وعُشْبها وتحاذَى.* * *قال أبو جعفر; فمعنى الكلام; وترى، يا محمد، آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان، يقابلونك ويحاذونك, وهم لا يبصرونك, لأنه لا أبصار لهم. وقيل; " وتراهم ", ولم يقل; " وتراها ", لأنها صور مصوَّرة على صور بني آدم عليه السلام.-----------------الهوامش ;(3) يعني أن الخطاب أولا كان للمشركين جميعا، فقال; "وإن تدعوهم"، ثم قال; "وتراهم" على الإفراد، خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .(4) في المخطوطة ; (( وترونهم ينظرون إليك ... )) وبعد (( إليك )) بياض بقدر كلمة . والذي في المطبوعة شبيه بالصواب .(5) لم أعرف قائله .(6) نوادر أبي زيد ; 131 ، أساس البلاغة ( عين ) ، المقاييس 4 ; 203 ، ورواية أبي زيد ;إذا نظــرت بــلاد بنــي حـبيببعيــنٍ أو بــلاد بنــي صبــاحرمينـــاهم بكــل أقــب نهــدٍوفتيــان الغــدو مــع الــرواحولا أدري ما (( بنو حبيب )) ، وأما (( بنو صباح )) ، فهم في ضبة ، والظاهر أن في غيرهم من العرب أيضاً (( بنو صباح )) . انظر الاشتقاق ; 122 . ورواية الزمخشري وابن فارس (( بلاد بني نمير )) ، فلا أدري ما أصح ذلك ، حتى يعرف صاحب الشعر، وفيمن قيل . قال الزمخشري قبل استشهاده بالشعر ; (( نظرت الأرض بعين أو بعينين )) ، إذا طلع بأرض ما ترعاه الماشية بغير استكمال . وقال ابن فارس ; إذا طلع النبت ، وكل هذا محمول ، واستعارة وتشبيه .
فلو دعوتها إلى الهدى لم تهتد، وهي صور لا حياة فيها، فتراهم ينظرون إليك، وهم لا يبصرون حقيقة، لأنهم صوروها على صور الحيوانات من الآدميين أو غيرهم، وجعلوا لها أبصارا وأعضاء، فإذا رأيتها قلت: هذه حية، فإذا تأملتها عرفت أنها جمادات لا حراك بها، ولا حياة، فبأي رأي اتخذها المشركون آلهة مع اللّه؟ ولأي مصلحة أو نفع عكفوا عندها وتقربوا لها بأنواع العبادات؟ فإذا عرف هذا، عرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها، لو اجتمعوا، وأرادوا أن يكيدوا من تولاه فاطر الأرض والسماوات، متولي أحوال عباده الصالحين، لم يقدروا على كيده بمثقال ذرة من الشر، لكمال عجزهم وعجزها، وكمال قوة اللّه واقتداره، وقوة من احتمى بجلاله وتوكل عليه. وقيل: إن معنى قوله وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ أن الضمير يعود إلى المشركين المكذبين لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فتحسبهم ينظرون إليك يا رسول اللّه نظر اعتبار يتبين به الصادق من الكاذب، ولكنهم لا يبصرون حقيقتك وما يتوسمه المتوسمون فيك من الجمال والكمال والصدق.
(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(تدعو) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به
(إلى الهدى) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تدعوهم) ، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف،
(لا) نافية
(يسمعوا) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعلـ (الواو) عاطفة
(ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل ضمير مستترتقديره أنت و (هم) مثل السابق
(ينظرون) مثل يستطيعون ،
(إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (ينظرون) ،
(الواو) حاليّة
(هم) ضمير منفصل مبتدأ
(لا يبصرون) مثل لا يستطيعون .
جملة: «تدعوهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الذين تدعون .
وجملة: «لا يسمعوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «تراهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة تدعوهم.
وجملة: «ينظرون ... » في محلّ نصب حال من ضمير المفعول في(تراهم) .
وجملة: «هم لا يبصرون» في محلّ نصب حال من ضمير الفاعل في(ينظرون) .
وجملة: «لا يبصرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
- القرآن الكريم - الأعراف٧ :١٩٨
Al-A'raf7:198