الرسم العثمانينَّحْنُ خَلَقْنٰهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثٰلَهُمْ تَبْدِيلًا
الـرسـم الإمـلائـينَحۡنُ خَلَقۡنٰهُمۡ وَشَدَدۡنَاۤ اَسۡرَهُمۡۚ وَاِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَاۤ اَمۡثَالَهُمۡ تَبۡدِيۡلًا
تفسير ميسر:
نحن خلقناهم، وأحكمنا خلقهم، وإذا شئنا أهلكناهم، وجئنا بقوم مطيعين ممتثلين لأوامر ربهم.
"نحن خلقناهم وشددنا أسرهم" قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني خلقهم "وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا" أي وإذا شئنا بعثناهم يوم القيامة وبدلناهم فأعدناهم خلقا جديدا وهذا استدلال بالبداءة على الرجعة وقال ابن زيد وابن جرير "وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا" أي وإذا شئنا أتينا بقوم آخرين غيرهم كقوله تعالى "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا" وكقوله تعالى "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز".
قوله تعالى ; نحن خلقناهم أي من طين . وشددنا أسرهم أي خلقهم ; قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل وغيرهم . والأسر الخلق ; قال أبو عبيد ; يقال فرس شديد الأسر أي الخلق . ويقال أسره الله - جل ثناؤه - إذا شدد خلقه ; قال لبيد ;ساهم الوجه شديد أسره مشرف الحارك محبوك الكتدوقال الأخطل ;من كل مجتنب شديد أسره سلس القياد تخاله مختالاوقال أبو هريرة والحسن والربيع ; شددنا مفاصلهم وأوصالهم بعضها إلى بعض بالعروق والعصب . وقال مجاهد في تفسير الأسر ; هو الشرج ، أي إذا خرج الغائط والبول تقبض الموضع . وقال ابن زيد القوة . وقال ابن أحمر يصف فرسا ;يمشي بأوظفة شداد أسرها صم السنابك لا تقي بالجدجدواشتقاقه من الإسار وهو القد الذي يشد به الأقتاب ; يقال ; أسرت القتب أسرا أي شددته وربطته ; ويقال ; ما أحسن أسر قتبه أي شده وربطه ; ومنه قولهم ; خذه بأسره إذا أرادوا أن يقولوا هو لك كله ; كأنهم أرادوا تعكيمه وشده لم يفتح ولم ينقص منه شيء . ومنه الأسير ، لأنه كان يكتف بالإسار . والكلام خرج مخرج الامتنان عليهم بالنعم حين قابلوها بالمعصية . أي سويت خلقك وأحكمته بالقوى ثم أنت تكفر بي .وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا قال ابن عباس ; يقول لو نشاء لأهلكناهم وجئنا بأطوع لله منهم . وعنه أيضا ; لغيرنا محاسنهم إلى أسمج الصور وأقبحها . كذلك روى الضحاك عنه . والأول رواه عنه أبو صالح .
قوله; ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ ) يقول; إن هذه السورة تذكرة لمن تذكر واتعظ واعتبر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله; ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ ) قال; إن هذه السورة تذكرة.وقوله; ( فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ) يقول; فمن شاء أيها الناس اتخذ إلى رضا ربه بالعمل بطاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه .
ثم استدل عليهم وعلى بعثهم بدليل عقلي، وهو دليل الابتداء، فقال: { نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ } أي: أوجدناهم من العدم، { وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ } أي: أحكمنا خلقتهم بالأعصاب، والعروق، والأوتار، والقوى الظاهرة والباطنة، حتى تم الجسم واستكمل، وتمكن من كل ما يريده، فالذي أوجدهم على هذه الحالة، قادر على أن يعيدهم بعد موتهم لجزائهم، والذي نقلهم في هذه الدار إلى هذه الأطوار، لا يليق به أن يتركهم سدى، لا يؤمرون، ولا ينهون، ولا يثابون، ولا يعاقبون، ولهذا قال: { بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا } أي: أنشأناكم للبعث نشأة أخرى، وأعدناكم بأعيانكم، وهم بأنفسهم أمثالهم.
(تبديلا) مفعول مطلق منصوب..
جملة: «نحن خلقناهم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلقناهم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(نحن) .
وجملة: «شددنا ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة خلقناهم.
وجملة: «شئنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «بدّلنا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
- القرآن الكريم - الانسان٧٦ :٢٨
Al-Insan76:28