القول في تأويل قوله ; وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين به; أطيعوا، أيها المؤمنون، ربَّكم ورسوله فيما أمركم به ونهاكم عنه, ولا تخالفوهما في شيء = " ولا تنازعوا فتفشلوا "، يقول; ولا تختلفوا فتفرقوا وتختلف قلوبكم (1) = " فتفشلوا ", يقول; فتضعفوا وتجبنوا, (2) = " وتذهب ريحكم " .* * *وهذا مثلٌ. يقال للرجل إذا كان مقبلا ما يحبه ويُسَرّ به (3) " الريح مقبلةٌ عليه ", يعني بذلك; ما يحبه, ومن ذلك قول عبيد بن الأبرص;كَمَـا حَمَيْنَـاكَ يَـوْمَ النَّعْفِ مِنْ شَطَبٍوَالفَضْـلُ لِلقَـوْمِ مِـنْ رِيحٍ وَمِنْ عَدَدِ (4)يعني; من البأس والكثرة. (5)* * *وإنما يراد به في هذا الموضع; وتذهب قوتكم وبأسكم، فتضعفوا ويدخلكم الوهن والخلل.* * *=" واصبروا " ، يقول; اصبروا مع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عند لقاء عدوكم, ولا تنهزموا عنه وتتركوه = " إن الله مع الصابرين " ، يقول; اصبروا فإني معكم. (6)وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;16163- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله; " وتذهب ريحكم " ، قال; نصركم. قال; وذهبت ريحُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، (7) حين نازعوه يوم أحد.16164- حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; " وتذهب ريحكم " ، فذكر نحوه.16165- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, نحوه= إلا أنه قال; ريح أصحاب محمد حين تركوه يوم أحد.16166 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " ، قال; حَدُّكم وجِدُّكم. (8)16167 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة; " وتذهب ريحكم " ، قال; ريح الحرب.16168 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " وتذهب ريحكم " ، قال; " الريح "، النصر، لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله تضرب وجوه العدو, فإذا كان ذلك لم يكن لهم قِوَام.16169 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق; " ولا تنازعوا فتفشلوا " ، أي; لا تختلفوا فيتفرق أمركم= " وتذهب ريحكم " ، فيذهب حَدُّكم (9) = " واصبروا إن الله مع الصابرين " ، أي; إني معكم إذا فعلتم ذلك. (10)16170 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد, في قوله; " ولا تنازعوا فتفشلوا "، قال; الفشل، الضعف عن جهاد عدوه والانكسار لهم, فذلك " الفشل ".--------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " التنازع " فيما سلف ص ; 569 ، تعليق ; 5 ، والمراجع هناك .(2) انظر تفسير " الفشل " ص ; 569 ، تعليق ; 4 ، والمراجع هناك .(3) في المطبوعة ; " مقبلا عليه ما يحبه " ، زاد " عليه " ، وليست في المخطوطة .(4) ديوانه ; 49 ، من أبيات قبله ، يقول ;دَعَــا مَعَاشِـرَ فَاسْـتَكَّتْ مَسَـامِعُهُمْيَـا لَهْـفَ نَفْسِـي لَـوْ تَدْعُو بَني أَسَدٍلا يَدَّعُــونَ إذَا خَــامَ الكُمَــاةُ ولاإذَا السُّــيُوفُ بِـأَيْدِي القَـوْمِ كـالْوَقْدِلَـوْ هُـمْ حُمَـاتُكَ بالمحْمَى حَمَوْكَ وَلَمْتُـتْرَكْ لِيَـوْمٍ أقَـامَ النَّـاسَ فــي كَبَدِكَمَــا حَمَيْنَـاكَ . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . .. . . . .والبيت الثاني من هذه الأبيات جاء في مخطوطة الديوان ; " لا يدَّعوا إذا حام الكماة ولا إذا .. " ، فصححه الناشر المستشرق " تدعوا إذن حامي الكماة لا كسلا " ، فجاء بالغثاثة كلها في شطر واحد . فيصحح كما أثبته . ويعني بقوله ; " لا يدعون إذا خام الكماة " ، أي ; لا يتنادون بترك الفرار ، و " خام " نكص ، كما قال الآخر ;تَنَـادَوْا ; يَـا آلَ عَمْـروٍ لا تَفِـرُّوا!فَقُلْنَــا ; لا فِــرَارَ ولا صُــدُودَاو " النعف " ، ما انحدر من حزونة الجبل . و " شطب " جبل في ديار بني أسد .(5) في المخطوطة ; " من الناس " ، والصواب ما في المطبوعة .(6) انظر تفسير " مع " فيما سلف ص ; 455 ، تعليق ; 4 ، المراجع هناك .(7) في المطبوعة ; " أصحاب رسول الله " ، وأثبت ما في المخطوطة .(8) في المطبوعة ; " حربكم وجدكم " ، وهي في المخطوطة توشك أن تقرأ كما قرأها ، ولكن الكتابة تدل على أنه أراد " حدكم " ، و " الحد " بأس الرجل ونفاذه في نجدته . يقال ; " فلان ذو حد " ، أي بأس ونجدة . ولو قرئت ; " وحدتكم " ، كان صوابًا ، " الحد " ، و " الحدة " ( بكسر الحاء ) ، واحد . وانظر التعليق التالي .(9) في المطبوعة ; " جدكم "، بالجيم ، والصواب ما في سيرة ابن هشام ، وفيها " حدتكم " ، وفي مخطوطاتها " حدكم " ، وهما بمعنى ، كما أسلفت في التعليق قبله .(10) الأثر ; 16169 - سيرة ابن هشام 2 ; 329 ، وهو تابع الأثر السالف رقم ; 16162.