إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ
اِنۡ كُلُّ نَفۡسٍ لَّمَّا عَلَيۡهَا حَافِظٌؕ
تفسير ميسر:
أقسم الله سبحانه بالسماء والنجم الذي يطرق ليلا وما أدراك ما عِظَمُ هذا النجم؟ هو النجم المضيء المتوهِّج. ما كل نفس إلا أوكل بها مَلَك رقيب يحفظ عليها أعمالها لتحاسب عليها يوم القيامة.
أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله".
قوله تعالى ; إن كل نفس لما عليها حافظقال قتادة ; حفظة يحفظون عليك رزقك وعملك وأجلك . وعنه أيضا قال ; قرينه يحفظ عليه عمله ; من خير أو شر . وهذا هو جواب القسم . وقيل ; الجواب إنه على رجعه لقادر في قول الترمذي ; محمد بن علي . و ( إن ) ; مخففة من الثقيلة ، و ( ما ) ; مؤكدة ، أي إن كل نفس لعليها حافظ . وقيل ; المعنى إن كل نفس إلا عليها حافظ ; يحفظها من الآفات ، حتى يسلمها إلى القدر . قال الفراء ; الحافظ من الله ، يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير ، وقال الكلبي . وقال أبو أمامة ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر ، سبعة أملاك يذبون عنه ، كما يذب عن قصعة العسل الذباب . ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين . وقراءة ابن عامر وعاصم وحمزة لما بتشديد الميم ، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وهي لغة هذيل ; يقول قائلهم ; نشدتك لما قمت . الباقون بالتخفيف ، على أنها زائدة مؤكدة ، كما ذكرنا . ونظير هذه الآية قوله تعالى ; له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ، على ما تقدم . وقيل ; الحافظ هو الله سبحانه فلولا حفظه لها لم تبق . وقيل ; الحافظ عليه عقله ، يرشده إلى مصالحه ، ويكفه عن مضاره .[ ص; 6 ] قلت ; العقل وغيره وسائط ، والحافظ في الحقيقة هو الله جل وعز قال الله - عز وجل - ; فالله خير حافظا ، وقال ; قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن . وما كان مثله .
وقوله; ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه من قرّاء المدينة أبو جعفر، ومن قرّاء الكوفة حمزة ( لَمَّا عَلَيْهَا ) بتشديد الميم. وذُكِر عن الحسن أنه قرأ ذلك كذلك.حدثني أحمد بن يوسف، قال; ثنا أبو عبيد، قال; ثنا حجاج، عن هارون، عن الحسن أنه كان يقرؤها( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) مشدّدة، ويقول; إلا ليها حافظ، وهكذا كلّ شيءٍ في القرآن بالتثقيل . وقرأ ذلك من أهل المدينة نافع، ومن أهل &; 24-353 &; البصرة أبو عمرو; ( لَمَا ) بالتخفيف، بمعنى; إن كلّ نفس لعليها حافظ، وعلى أن اللام جواب " إن " و " ما " التي بعدها صلة. وإذا كان ذلك كذلك لم يكن فيه تشديد.والقراءة التي لا أختار غيرَها في ذلك التخفيف، لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب، وقد أنكر التشديد جماعةٌ من أهل المعرفة بكلام العرب؛ أن يكون معروفًا من كلام العرب، غير أن الفرّاء كان يقول; لا نعرف جهة التثقيل في ذلك، ونرى أنها لغةٌ في هذيلٍ، يجعلون " إلا " مع " إن المخففة "; لَمَّا، ولا يجاوزون ذلك، كأنه قال; ما كلّ نفس إلا عليها حافظ، فإن كان صحيحًا ما ذكر الفرّاء من أنها لغة هُذَيلٍ، فالقراءة بها جائزةٌ صحيحةٌ، وإن كان الاختيار أيضًا - إذا صحّ ذلك عندنا - القراءة الأخرى وهي التخفيف؛ لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، ولا ينبغي أن يُترك الأعرف إلى الأنكر.وقد حدثني أحمد بن يوسف، قال; ثنا أبو عبيد، قال; ثنا معاذ، عن ابن عون، قال; قرأت عند ابن سيرين; ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) فأنكره، وقال; سبحان الله، سبحان الله .فتأويل الكلام إذن; إن كلّ نفس لعليها حافظ من ربها، يحفظ عملها، ويُحصي عليها ما تكسب من خير أو شرّ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) قال; كلّ نفس عليها حفظة من الملائكة .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ ); حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك، إذا توفيته يا ابن آدم قُبِضت إلى ربك .
والمقسم عليه قوله: { إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } يحفظ عليها أعمالها الصالحة والسيئة، وستجازى بعملها المحفوظ عليها.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة