يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيٰوةِ الدُّنْيَا مِنَ الْءَاخِرَةِ ۚ فَمَا مَتٰعُ الْحَيٰوةِ الدُّنْيَا فِى الْءَاخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ
يٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا مَا لَـكُمۡ اِذَا قِيۡلَ لَـكُمُ انْفِرُوۡا فِىۡ سَبِيۡلِ اللّٰهِ اثَّاقَلۡـتُمۡ اِلَى الۡاَرۡضِ ؕ اَرَضِيۡتُمۡ بِالۡحَيٰوةِ الدُّنۡيَا مِنَ الۡاٰخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الۡحَيٰوةِ الدُّنۡيَا فِى الۡاٰخِرَةِ اِلَّا قَلِيۡلٌ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم; اخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟ هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟ فما تستمتعون به في الدنيا قليل زائل، أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم.
هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمارة القيظ فقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله " أي إذا دعيتم إلى الجهاد في سبيل الله " اثاقلتم في الأرض " أي تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدعة والخفض وطيب الثمار " أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة " أي ما لكم فعلتم هكذا رضا منكم بالدنيا بدلا من الآخرة ثم زهد تبارك وتعالى في الدنيا. ورغب في الآخرة فقال " فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليا " كما قال الإمام أحمد; حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد قالا; حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المستورد أخي بني فهر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بما ترجع؟ وأشار بالسبابة انفرد بإخراجه مسلم. وروى ابن أبي حاتم حدثنا بشر بن مسلم بن عبد الحميد الحمصي بحمص حدثنا الربيع ابن روح حدثنا محمد بن خالد الوهبى حدثنا زياد يعني الجصاص عن أبي عثمان قال; قات يا أبا هريرة سمعت من إخواني بالبصرة أنك تقول سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنه " قال أبو هريرة; بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله يجزي بالجسنة ألفي ألف حسنة "ثم تلا هذه الآية " فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " فالدنيا ما مضى منها وما بقى منها عند الله قليل. وقال الثوري عن الأعمش في الآية " فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " قال كزاد الراكب وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال; ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال; أما لي من كبير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره فبكى وهو يقول أف لك من دار إن كان كثير لقليل وإن كان قليلك لقصير وإن كنا منك لفي غرور.