الرسم العثمانيفَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِنۡ تَوَلَّـيۡتُمۡ فَمَا سَاَلۡـتُكُمۡ مِّنۡ اَجۡرٍؕاِنۡ اَجۡرِىَ اِلَّا عَلَى اللّٰهِۙ وَاُمِرۡتُ اَنۡ اَكُوۡنَ مِنَ الۡمُسۡلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
فإن أعرضتم عن دعوتي فإنني لم أسألكم أجرًا؛ لأن ثوابي عند ربي وأجري عليه سبحانه، وحده لا شريك له، وأمرت أن أكون من المنقادين لحكمه.
"فإن توليتم" أي كذبتم وأدبرتم عن الطاعة "فما سألتكم من أجر" أي لم أطلب منكم على نصحي إياكم شيئا "إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين" أي وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام لله عز وجل والإسلام هو دين الأنبياء جميعا من أولهم إلى آخرهم وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم كما قال تعالى "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" قال ابن عباس سبيلا وسنة فهذا نوح يقول "وأمرت أن أكون من المسلمين" وقال تعالى عن إبراهيم الخليل "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصي بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" وقال يوسف "رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين" وقال موسى "يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين" وقال السحرة "ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين" وقالت بلقيس "رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين". وقال تعالى "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا" وقال تعالى "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون" وقال خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم "إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" أي من هذه الأمة ولهذا قال في الحديث الثابت عنه "نحن معاشر الأنبياء أولاد علات وديننا واحد". أي وهو عبادة الله وحده لا شريك له وإن تنوعت شرائعنا وذلك معنى قوله أولاد علات وهم الإخوة من أمهات شتى والأب واحد.
قوله تعالى فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمينقوله تعالى فإن توليتم فما سألتكم من أجر أي فإن أعرضتم عما جئتكم به فليس ذلك لأني سألتكم أجرا فيثقل عليكم مكافأتي .إن أجري إلا على الله في تبليغ رسالته .وأمرت أن أكون من المسلمين أي الموحدين لله تعالى . فتح أهل المدينة وأبو عمرو وابن عامر وحفص ياء ( أجري ) حيث وقع ، وأسكن الباقون .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نبيه نوح عليه السلام لقومه; (فإن توليتم ) ، أيها القوم ، عني بعد دعائي إياكم ، وتبليغ رسالة ربي إليكم ، مدبرين، فأعرضتم عمّا دعوتكم إليه من الحقّ ، والإقرار بتوحيد الله ، وإخلاص العبادة له ، وترك إشراك الآلهة في عبادته، فتضييعٌ منكم وتفريطٌ في واجب حق الله عليكم، لا بسبب من قبلي، فإني لم أسألكم على ما دعوتكم إليه أجرًا ، ولا عوضًا أعتاضه منكم بإجابتكم إياي إلى ما دعوتكم إليه من الحق والهدى، ولا طلبت منكم عليه ثوابًا ولا جزاءً ، (إن أجري إلا على الله) يقول جل ثناؤه; إن جزائي وأجر عملي وثوابه إلا على ربي ، لا عليكم ، أيها القوم ، ولا على غيركم ، (وأمرت أن أكون من المسلمين) ، وأمرني ربي أن أكون من المذعنين له بالطاعة ، المنقادين لأمره ونهيه ، المذللين له، ومن أجل ذلك أدعوكم إليه ، وبأمره آمركم بترك عبادة الأوثان. (23)* * *
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} عن ما دعوتكم إليه، فلا موجب لتوليكم، لأنه تبين أنكم لا تولون عن باطل إلى حق، وإنما تولون عن حق قامت الأدلة على صحته، إلى باطل قامت الأدلة على فساده. ومع هذا {فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} على دعوتي، وعلى إجابتكم، فتقولوا: هذا جاءنا ليأخذ أموالنا، فتمتنعون لأجل ذلك. {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} أي: لا أريد الثواب والجزاء إلا منه، {و} أيضًا فإني ما أمرتكم بأمر وأخالفكم إلى ضده، بل {أمرت أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فأنا أول داخل، وأول فاعل لما أمرتكم به.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٧٢
Yunus10:72