الرسم العثمانيفَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِۦٓ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ رَبِّى عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِنۡ تَوَلَّوۡا فَقَدۡ اَبۡلَغۡتُكُمۡ مَّاۤ اُرۡسِلۡتُ بِهٖۤ اِلَيۡكُمۡ ؕ وَيَسۡتَخۡلِفُ رَبِّىۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡۚ وَلَا تَضُرُّوۡنَهٗ شَيۡـــًٔا ؕ اِنَّ رَبِّىۡ عَلٰى كُلِّ شَىۡءٍ حَفِيۡظٌ
تفسير ميسر:
فإن تُعرضوا عما أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له فقد أبلغتكم رسالة ربي إليكم، وقامت عليكم الحجة، وحيث لم تؤمنوا بالله فسيهلككم ويأتي بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم، ويخلصون لله العبادة، ولا تضرونه شيئًا، إن ربي على كل شيء حفيظ، فهو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.
يقول لهم هود فإن تولوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم وحده لا شريك له فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها "ويستخلف ربي قوما غيركم" يعبدونه وحده لا يشركون به ولا يبالي بكم فإنكم لا تضرونه بكفركم بل يعود وبال ذلك عليكم "إن ربي على كل شيء حفيظ" أي شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
قوله تعالى ; فإن تولوا في موضع جزم ; فلذلك حذفت منه النون ، والأصل تتولوا ، فحذفت التاء لاجتماع تاءين .فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم بمعنى قد بينت لكم .ويستخلف ربي قوما غيركم أي يهلككم ويخلق من هو أطوع له منكم يوحدونه ويعبدونه . " ويستخلف " مقطوع مما قبله فلذلك ارتفع ; أو معطوف على ما يجب فيما بعد الفاء من قوله ; فقد أبلغتكم . وروي عن حفص عن عاصم " ويستخلف " بالجزم حملا على موضع الفاء وما بعدها ; مثل ; ويذرهم في طغيانهم يعمهون .[ ص; 49 ] قوله تعالى ; ولا تضرونه شيئا أي بتوليكم وإعراضكم . إن ربي على كل شيء حفيظ أي لكل شيء حافظ . " على " بمعنى اللام ; فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هود لقومه; (فإن تولوا) ، يقول; فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الأوثان (8) ، (فقد أبلغتكم) أيها القوم ، (ما أرسلت به إليكم) ، وما على الرسول إلا البلاغ ، (ويستخلف ربي قوما غيركم) ، يهلككم ربي، ثم يستبدل ربي منكم قومًا غيركم ، (9) يوحِّدونه ويخلصون له العبادة ، (ولا تضرونه شيئًا ) ، يقول; ولا تقدرون له على ضرّ إذا أراد إهلاككم أو أهلككم.* * *وقد قيل; لا يضره هلاككُم إذا أهلككم ، لا تنقصونه شيئًا ، لأنه سواء عنده كُنتم أو لم تكونوا.* * *، (إن ربي على كل شيء حفيظ) ، يقول; إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم . (10)يقول; هو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.---------------------الهوامش ;(8) كان حق الكلام أن يقول ; " فإن أدبرتم معرضين عما أدعوكم إليه " ، فهو خطاب من هود لقومه ، أي ; " فإن تتولوا " ، وحذف إحدى التاءين . وكأن هذا سهو من أبي جعفر رحمه الله وغفر له.(9) انظر تفسير " الاستخلاف " فيما سلف من فهارس اللغة ( خلف ) .(10) انظر تفسير " حفيظ " فيما سلف 8 ; 562 / 12 ; 25 ، 33 .
{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } عما دعوتكم إليه { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم. { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ } يقومون بعبادته، ولا يشركون به شيئا، { وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } فإن ضرركم، إنما يعود عليكم، فالله لا تضره معصية العاصين. ولا تنفعه طاعة المطيعين { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } ].
(الفاء) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(تولّوا) مضارع مجزوم حذفت منه إحدى التاءين وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (الفاء) تعليليّة
(قد) حرف تحقيق
(أبلغت) فعل ماض وفاعله و (كم) ضمير مفعول به
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به ثان
(أرسلت) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. و (التاء) ضمير نائب الفاعلـ (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أرسلت) ،
(إلى) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أرسلت) .
(الواو) استئنافيّة
(يستخلف) مضارع مرفوع
(ربّي) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(قوما) مفعول به منصوبـ (غيركم) نعت لـ (قوما) منصوب.. و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(لا) نافية
(تضرّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (الهاء)ضمير مفعول به
(شيئا) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه من نوع الصفة أي ضررا ما
(إنّ ربّي على كلّ) مثل المتقدّمة ، والجارّ متعلّق بحفيظ
(شيء) مضاف إليه مجرور
(حفيظ) خبر إنّ مرفوع.
جملة: «إن تولّوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قد أبلغتكم ... » لا محلّ لها تعليل لجواب الشرط المقدّر أي إن تتولّوا لا أبال لأنني قد أبلغتكم.
وجملة: «أرسلت به ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يستخلف ربّي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا تضرّونه شيئا» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «إنّ ربّي.... حفيظ» لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - هود١١ :٥٧
Hud11:57