الرسم العثمانيقَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جٰهِلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ هَلۡ عَلِمۡتُمۡ مَّا فَعَلۡتُمۡ بِيُوۡسُفَ وَاَخِيۡهِ اِذۡ اَنۡتُمۡ جٰهِلُوۡنَ
تفسير ميسر:
فلما سمع مقالتهم رقَّ لهم، وعرَّفهم بنفسه وقال; هل تذكرون الذي فعلتموه بيوسف وأخيه من الأذى في حال جَهْلكم بعاقبة ما تفعلون؟
يقول تعالى مخبرا عن يوسف عليه السلام أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضيق وقلة الطعام وعموم الجدب وتذكر أباه وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه مع ما هو فيه من الملك والتصرف والسعة فعند ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشفقة على أبيه لإخوته وبدره البكاء فتعرف إليهم فيقال إنه رفع التاج عن جبهته وكان فيها شامة وقال " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " أعني كيف فرقوا بينه وبين أخيه " إذ أنتم جاهلون " أي إنما حملكم على هذا الجهل بمقدار هذا الذي ارتكبتموه كما قال بعض السلف كل من عصى الله فهو جاهل وقرأ " ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهاله " الآية والظاهر والله أعلم أن يوسف عليه السلام إنما تعرف إليهم بنفسه بإذن الله تعالى له في ذلك كما أنه إنما أخفى منهم نفسه في المرتين الأوليين بأمر الله تعالى له في ذلك والله أعلم ولكن لما ضاق الحال واشتد الأمر فرج الله تعالى من ذلك الضيق كما قال تعالى " فإن مع العسر يسر إن مع العسر يسرا ".
قوله تعالى ; قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه استفهام بمعنى التذكير والتوبيخ ، وهو الذي قال الله ; لتنبئنهم بأمرهم هذا الآية .إذ أنتم جاهلون دليل على أنهم كانوا صغارا في وقت أخذهم ليوسف ، غير أنبياء ; لأنه لا يوصف بالجهل إلا من كانت هذه صفته ; ويدل على أنه حسنت حالهم الآن ; أي فعلتم ذلك إذ أنتم صغار جهال ; قال معناه ابن عباس والحسن ; ويكون قولهم ; وإن كنا لخاطئين على هذا ، لأنهم كبروا ولم يخبروا أباهم بما فعلوا حياء وخوفا منه . وقيل ; جاهلون بما تئول إليه العاقبة . والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89)قال أبو جعفر; ذكر أن يوسف صلوات الله عليه لما قال له إخوته; يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ، أدركته الرقّة وباح لهم بما كان يكتمهم من شأنه، كما;-19789- حدثنا ابن حميد ، قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال، ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام غلبته نفسه ، فارفضَّ دمعه باكيًا ، ثم باح لهم بالذي يكتم منهم ، فقال; ( هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ) ؟ ولم يعن بذكر أخيه ما صنعه هو فيه حين أخذه ، ولكن للتفريق بينه وبين أخيه ، إذ صنعوا بيوسف ما صنعوا.19790- حدثنا ابن وكيع ، قال، حدثنا عمرو ، قال، حدثنا أسباط ، عن السدي; فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ، الآية ، قال;فرحمهم عند ذلك ، فقال لهم; ( هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ) ؟* * *قال أبو جعفر; فتأويل الكلام;هل تذكرون ما فعلتم بيوسف وأخيه ، إذ فرقتم بينهما وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون؟ يعني في حال جهلكم بعاقبة ما تفعلون بيوسف ، وما إليه صائر أمره وأمركم.
{ قال هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } أما يوسف فظاهر فعلهم فيه، وأما أخوه، فلعله والله أعلم قولهم: { إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ } أو أن الحادث الذي فرَّق بينه وبين أبيه، هم السبب فيه، والأصل الموجب له. { إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ } وهذا نوع اعتذار لهم بجهلهم، أو توبيخ لهم إذ فعلوا فعل الجاهلين، مع أنه لا ينبغي ولا يليق منهم.
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (هل) حرف استفهام
(علمتم) فعل ماض مبنيّ على السكون وفاعله
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(فعلتم) مثل علمتم
(بيوسف) جارّ ومجرور متعلّق بـ (فعلتم) ،
(الواو) عاطفة
(أخيه) معطوف على يوسف مجرور وعلامة الجرّ الياء ... و (الهاء) مضاف إليه
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ (فعلتم)
(أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(جاهلون) خبر مرفوع، وعلامة الرفع الواو.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هل علمتم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أنتم جاهلون ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «فعلتم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) ، والعائد محذوف.
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٨٩
Yusuf12:89