الرسم العثمانيلِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنٰى ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُۥ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُۥ مَعَهُۥ لَافْتَدَوْا بِهِۦٓ ۚ أُولٰٓئِكَ لَهُمْ سُوٓءُ الْحِسَابِ وَمَأْوٰىهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
الـرسـم الإمـلائـيلِلَّذِيۡنَ اسۡتَجَابُوۡا لِرَبِّهِمُ الۡحُسۡنٰى ۚ وَالَّذِيۡنَ لَمۡ يَسۡتَجِيۡبُوۡا لَهٗ لَوۡ اَنَّ لَهُمۡ مَّا فِى الۡاَرۡضِ جَمِيۡعًا وَّمِثۡلَهٗ مَعَهٗ لَافۡتَدَوۡا بِهٖؕ اُولٰۤٮِٕكَ لَهُمۡ سُوۡۤءُ الۡحِسَابِ ۙ وَمَاۡوٰٮهُمۡ جَهَـنَّمُؕ وَبِئۡسَ الۡمِهَادُ
تفسير ميسر:
للمؤمنين الذين أطاعوا الله ورسوله الجنة، والذين لم يطيعوا وكفروا به لهم النار، ولو كانوا يملكون كل ما في الأرض وضِعْفه معه لبذلوه فداء لأنفسهم من عذاب الله يوم القيامة، ولن يُتَقبل منهم، أولئك يحاسَبون على كل ما أسلفوه من عمل سيِّئ، ومسكنهم ومقامهم جهنم تكون لهم فراشًا، وبئس الفراش الذي مهدوه لأنفسهم.
يخبر تعالى عن مآل السعداء والأشقياء فقال " للذين استجابوا لربهم " أي أطاعوا الله ورسوله وانقادوا لأوامرهم وصدقوا أخباره الماضية والآتية فلهم " الحسنى " وهو الجزاء الحسن كقوله تعالى مخبرا عن ذي القرنين أنه قال " أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا " وقال تعالى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " وقوله " والذين لم يستجيبوا له " أي لم يطيعوا الله " لو أن لهم ما في الأرض جميعا " أي في الدار الآخرة لو أن يمكنهم أن يفتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهبا ومثله معه لافتدوا به ولكن لا يقبل منهم لأنه تعالى لا يقبل منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا " أولئك لهم سوء الحساب " أي في الدار الآخرة أي يناقشون على النقير والقطمير والجليل والحقير ومن نوقش الحساب عذب ولهذم قال " ومأواهم جهنم وبئس المهاد ".
ثم قال ; للذين استجابوا لربهم الحسنى أي أجابوا ; واستجاب بمعنى أجاب ; قال ;فلم يستجبه عند ذاك مجيبوقد تقدم ; أي أجاب إلى ما دعاه الله من التوحيد والنبوات . " الحسنى " لأنها في نهاية الحسن . وقيل ; من الحسنى النصر في الدنيا ، والنعيم المقيم غدا .والذين لم يستجيبوا له أي لم يجيبوا إلى الإيمان به . لو أن لهم ما في الأرض جميعا أي من الأموال . " ومثله معه " ملك لهم . " لافتدوا به " من عذاب يوم القيامة ; نظيره في " آل عمران " [ ص; 268 ] إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ، إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به حسب ما تقدم بيانه هناك .أولئك لهم سوء الحساب أي لا يقبل لهم حسنة ، ولا يتجاوز لهم عن سيئة . وقال فرقد السبخي قال لي إبراهيم النخعي ; يا فرقد ! أتدري ما سوء الحساب ؟ قلت لا ! قال ; أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يفقد منه شيء .ومأواهم جهنم أي مسكنهم ومقامهم ." وبئس المهاد " أي الفراش الذي مهدوا لأنفسهم .
قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; أما الذين استجابوا لله فآمنوا به حين دعاهم إلى الإيمان به، وأطاعوه فاتبعوا رسوله وصدّقوه فيما جاءهم به من عند الله, (28) فإن لهم الحسنى, وهي الجنة، (29) كذلك;-20326- حدثنا بشر قال; حدثنا يزيد قال; حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله; (للذين استجابوا لربهم الحسنى) وهي الجنة .* * *وقوله; (والذين لم يستجيبوا له لو أنّ لهم ما في الأرض جميعًا ومثله معه لافتدوا به) ، يقول تعالى ذكره; وأما الذين لم يستجيبوا لله حين دعاهم إلى توحيده والإقرار بربوبيته، (30) ولم يطيعوه فيما أمرهم به, ولم يتبعوا رسوله فيصدقوه فيما جاءهم به من عند ربهم, فلو أن لهم ما في الأرض جميعًا من شيء ومثله معه ملكًا لهم، ثم قُبِل مثل ذلك منهم، وقبل منهم بدلا من العذاب الذي أعدّه الله لهم في نار جهنم وعوضًا، (31) لافتدوا به أنفسهم منه, يقول الله; (أولئك لهم سوء الحساب) ، يقول; هؤلاء الذين لم يستجيبوا لله لهم سوء الحساب، يقول; لهم عند الله أن يأخذهم بذنوبهم كلها, فلا يغفر لهم منها شيئا, ولكن يعذبهم على جميعها . كما;-20327- حدثنا الحسن بن عرفة قال; حدثنا يونس بن محمد قال; حدثنا عون, عن فرقد السبخي قال; قال لنا شهر بن حوشب; (سوء الحساب) أن لا يتجاوز لهم عن شيء . (32)20328- حدثني يعقوب قال; حدثنا ابن علية قال; حدثني الحجاج بن أبي عثمان قال; حدثني فرقد السبخي قال; قال إبراهيم النخعي; يا فرقد أتدري ما " سوء الحساب "؟ قلت; لا ! قال; هو أن يحاسب الرّجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء . (33)* * *وقوله; (ومأواهم جهنم) يقول; ومسكنهم الذي يسكنونه يوم القيامة جهنم (34) (وبئس المهاد) ، يقول; وبئس الفراش والوطاءُ جهنمُ التي هي مأواهم يوم القيامة . (35)------------------------الهوامش;(28) انظر تفسير" الاستجابة" فيما سلف 13 ; 465 ، تعليق ; 4 ، والمراجع هناك .(29) انظر تفسير" الحسنى" فيما سلف 9 ; 96 / 14 ; 291 .(30) في المطبوعة ;" لم يستجيبوا له" ، وأثبت ما في المخطوطة .(31) كانت هذه العبارة في المطبوعة هكذا ;" ثم مثل ذلك ، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" ، وكان في المخطوطة هكذا ;" ثم قبل مثل ذلك ، وقبل ذلك منهم بدلا من العذاب" . وهما عبارتان مختلفتان هالكتان ، والصواب الذي رجحته هو ما أثبت .(32) الأثر ; 20327 -" الحسن بن عرفة العبدي البغدادي" ، شيخ الطبري ، ثقة مضى برقم ; 9373 ، 12851 ، 15766 .و" يونس بن محمد بن مسلم البغدادي" ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم ; 5090 ، 12549و" عون" ، كأنه يعني ;" عون بن سلام القرشي الكوفي" ، ثقة مترجم في التهذيب .وأما" فرقد السبخي" ، فهو" فرقد بن يعقوب السبخي" ،" أبو يعقوب" ، كان ضعيفًا منكر الحديث ، لأنه لم يكن صاحب حديث ، وليس بثقة مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 131 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 81 ، وميزان الاعتدال 2 ; 327 .(33) الأثر ; 20328 -" فرقد السبخي" ، ليس بثقة ، مضى برقم ; 20327 ، وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم ; 20334 .(34) انظر تفسير" المأوى" فيما سلف 15 ; 26 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(35) انظر تفسير" المهاد" فيما سلف 12 ; 435 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .
لما بيّن تعالى الحق من الباطل ذكر أن الناس على قسمين: مستجيب لربه، فذكر ثوابه، وغير مستجيب فذكر عقابه فقال: { لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ } أي: انقادت قلوبهم للعلم والإيمان وجوارحهم للأمر والنهي، وصاروا موافقين لربهم فيما يريده منهم، فلهم { الْحُسْنَى } أي: الحالة الحسنة والثواب الحسن. فلهم من الصفات أجلها ومن المناقب أفضلها ومن الثواب العاجل والآجل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، { وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ } بعد ما ضرب لهم الأمثال وبين لهم الحق، لهم الحالة غير الحسنة، فـ { لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } من ذهب وفضة وغيرها، { وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ } من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم وأنى لهم ذلك؟\" { أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ } وهو الحساب الذي يأتي على كل ما أسلفوه من عمل سيئ وما ضيعوه من حقوق الله وحقوق عباده قد كتب ذلك وسطر عليهم وقالوا: { يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا } { و } بعد هذا الحساب السيئ { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } الجامعة لكل عذاب، من الجوع الشديد، والعطش الوجيع، والنار الحامية والزقوم والزمهرير، والضريع وجميع ما ذكره الله من أصناف العذاب { وَبِئْسَ الْمِهَادُ } أي: المقر والمسكن مسكنهم.
(اللام) حرف جرّ
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(استجابوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
و (الواو) فاعلـ (لربّهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (استجابوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(الحسنى) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف
(الواو) عاطفة
(الذين) موصول في محلّ رفع مبتدأ ،
(لم) حرف نفي وجزم
(يستجيبوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يستجيبوا) ،
(لو) حرف شرط غير جازم
(أنّ) حرف توكيد ونصب- ناسخ-
(لهم) مثل له متعلّق بخبر أنّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم أنّ
(في الأرض) جار ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما
(جميعا) حال منصوبة من ضمير الاستقرار الذي هو خبر.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ لهم ما في الأرض) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت.. وهو فعل الشرط.(الواو) عاطفة
(مثله) معطوف على محلّ ما منصوب.. و (الهاء) مضاف إليه
(معه) ظرف منصوب متعلّق بحال من مثله.. و (الهاء) مثل الأخير
(اللام) واقعة في جواب لو (افتدوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. و (الواو) فاعلـ (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (افتدوا) ،
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطابـ (لهم) مثل له متعلّق بخبر مقدّم
(سوء) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الحساب) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(مأواهم) مبتدأ مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف.. و (هم) ضمير مضاف إليه
(جهنّم) خبر مرفوع، وامتنع من التنوين للعلميّة والتأنيث
(الواو) واو الحالـ (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ
(المهاد) فاعل مرفوع..
والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هي أو جهنّم.
جملة: «استجابوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول.
وجملة: «للذين استجابوا ... الحسنى» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الذين لم يستجيبوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «لم يستجيبوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «
(ثبت) ملك الأرض ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة: «افتدوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «أولئك لهم سوء ... » في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ
(الذين) .وجملة: «لهم سوء الحساب ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «مأواهم جهنّم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم سوء الحساب.
وجملة: «بئس المهاد ... » في محلّ نصب حال.
- القرآن الكريم - الرعد١٣ :١٨
Ar-Ra'd13:18