الرسم العثمانيأَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرٰتٍ فِى جَوِّ السَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ۗ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَءَايٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَلَمۡ يَرَوۡا اِلَى الطَّيۡرِ مُسَخَّرٰتٍ فِىۡ جَوِّ السَّمَآءِ ؕ مَا يُمۡسِكُهُنَّ اِلَّا اللّٰهُؕ اِنَّ فِىۡ ذٰ لِكَ لَاٰيٰتٍ لِّقَوۡمٍ يُّؤۡمِنُوۡنَ
تفسير ميسر:
ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء بين السماء والأرض بأمر الله؟ ما يمسكهن عن الوقوع إلا هو سبحانه بما خَلَقه لها، وأقدرها عليه. إن في ذلك التذليل والإمساك لَدلالات لقوم يؤمنون بما يرونه من الأدلة على قدرة الله.
ثم نبه تعالى عباده إلى النظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض كيف جعله يطير بجناحين بين السماء والأرض في جو السماء ما يمسكه هناك إلا الله بقدرته تعالى التي جعل فيها قوى تفعل ذلك وسخر الهواء يحملها وبسير الطير ذلك كما قال تعالى في سورة الملك "أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير" وقال ههنا "إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون".
قوله تعالى ; ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون قوله تعالى ; ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وابن عامر وحمزة ويعقوب " تروا " بالتاء على الخطاب ، واختاره [ ص; 138 ] أبو عبيد . الباقون بالياء على الخبر . مسخرات مذللات لأمر الله - تعالى - ; قاله الكلبي . وقيل ; مسخرات مذللات لمنافعكم . وفي قوله مسخرات دليل على مسخر سخرها ومدبر مكنها من التصرف .في جو السماء الجو ما بين السماء والأرض ; وأضاف الجو إلى السماء لارتفاعه عن الأرض .ما يمسكهن إلا الله في حال القبض والبسط والاصطفاف . بين لهم كيف يعتبرون بها على وحدانيته .إن في ذلك لآيات أي علامات وعبرا ودلالات .لقوم يؤمنون بالله وبما جاءت به رسلهم .
يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين; ألم تَرَوا أيُّها المشركون بالله إلى الطير مسخرات في جوّ السماء، يعني; في هواء السماء بينها وبين الأرض، كما قال إبراهيم بن عمران الأنصاريّ;وَيْـلُ امِّهـا مِـنْ هَـوَاءِ الجَـوّ طَالِبَةًوَلا كَهـذا الَّـذِي فـي الأرْضِ مَطْلُوبُ (1)يعني; في هواء السماء.( مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا اللَّهُ ) يقول; ما طيرانها في الجوّ إلا بالله ، وبتسخيره إياها بذلك، ولو سلبها ما أعطاها من الطيران لم تقدر على النهوض ارتفاعا. وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يقول; إن في تسخير الله الطير ، وتمكينه لها الطيران في جوّ السماء، لعلامات ودلالات على أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه لاحظ للأصنام والأوثان في الألوهة ( لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يعني; لقوم يقرّون بوجدان ما تعاينه أبصارهم ، وتحسه حواسهم.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ ) ; أي في كبد السماء.------------------------الهوامش;(1) البيت نسبه المؤلف إلى إبراهيم بن عمران الأنصاري. ونسبه البغدادي في الخزانة (2; 112) لامرئ القيس بن حجر الكندي. وعزى في الكتاب لسيبويه مرة إلى امرئ القيس (1 ; 353) ومرة (2 ; 272) إلى النعمان بن بشير الأنصاري. وذكر البغدادي المقطوعة التي منها البيت، وهي عشرة أبيات، ونسبها لامرئ القيس، ومطلعها;الخـير مـا طلعـت شمس وما غربتمطلـب بنواحـي الخـيل معصـوبوبيت الشاهد هو الثامن في المقطوعة، وأوله; "لا كالتي في هواء" ... الخ. وقال ابن رشيق في العمدة; هذا البيت عند دعبل، أشعر بيت قالته العرب، وبه قدمه على الشعراء. وقوله; ويلمها; هذا في صورة الدعاء على الشيء والمراد به التعجب. والضمير المؤنث يراد به العقاب. والجو; ما بين السماء والأرض، وأراد بالمطلوب الذئب، لأنه وصف عقابا تبعت ذئبا لتصيده، فتعجب منها في شدة طلبها، وتعجب من الذئب أيضاً في سرعته وشدة هربه منها.واستشهد المؤلف بالبيت عند تفسير قوله تعالى; (ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء) أي في هواء السماء، بينها وبين الأرض كما استشهد أبو عبيدة من قبله في مجاز القرآن (1; 365) على أن جو السماء; أي الهواء.
أي: لأنهم المنتفعون بآيات الله المتفكرون فيما جعلت آية عليه، وأما غيرهم فإن نظرهم نظر لهو وغفلة، ووجه الآية فيها أن الله تعالى خلقها بخلقة تصلح للطيران، ثم سخر لها هذا الهواء اللطيف ثم أودع فيها من قوة الحركة وما قدرت به على ذلك، وذلك دليل على كمال حكمته وعلمه الواسع وعنايته الربانية بجميع مخلوقاته وكمال اقتداره، تبارك الله رب العالمين.
(الهمزة) للاستفهام
(لم) حرف نفي وجزم
(يروا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (إلى الطير) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يروا) بتضمينه معنى ينظروا
(مسخّرات) حال منصوبة من الطير وعلامة النصب الكسرة
(في جوّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (مسخّرات)
(السماء) مضاف إليه مجرور
(ما) نافية
(يمسكهنّ) مضارع مرفوع.. و (هنّ) ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(إلّا) أداة حصر
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(إنّ في ... يؤمنون) مرّ إعراب نظيرها .
جملة: «لم يروا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ما يمسكهنّ إلّا الله ... » في محلّ نصب حال ثانية من الطير .
وجملة: «إنّ في ذلك لآيات ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يؤمنون» في محلّ جرّ نعت لقوم.
- القرآن الكريم - النحل١٦ :٧٩
An-Nahl16:79