الرسم العثمانيوَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًۢا
الـرسـم الإمـلائـيوَكَمۡ اَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُمۡ مِّنۡ قَرۡنٍؕ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُمۡ مِّنۡ اَحَدٍ اَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزًا
تفسير ميسر:
وكثيرًا أهلكنا - أيها الرسول - من الأمم السابقة قبل قومك، ما ترى منهم أحدًا وما تسمع لهم صوتًا، فكذلك الكفار من قومك، نهلكهم كما أهلكنا السابقين من قبلهم. وفي هذا تهديد ووعيد بإهلاك المكذبين المعاندين.
وقوله "وكم أهلكنا قبلهم من قرن" أي من أمة كفروا بآيات الله وكذبوا رسله "هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا" أي هل ترى منهم أحدا أو تسمع لهم ركزا قال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة والحسن البصري وسعيد بن جبير والضحاك وابن زيد يعني صوتا وقال الحسن وقتادة هل ترى عينا أو تسمع صوتا والركز في أصل اللغة هوالصوت الخفي قال الشاعر; فتوحشت ركز الأنيس فراعها عـن ظهر غيب والأنيس سقامها آخر تفسير سورة مريم ولله الحمد والمنة ويتلوه إن شاء الله تفسير سورة طه ولله الحمد.
قوله تعالى ; فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لداقوله تعالى ; فإنما يسرناه بلسانك أي القرآن ؛ يعني بيناه بلسانك العربي وجعلناه سهلا على من تدبره وتأمله ، وقيل ; أنزلناه عليك بلسان العرب ليسهل عليهم فهمه . لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا اللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة ومنه قوله تعالى ; ألد الخصام وقال الشاعر ;أبيت نجيا للهموم كأنني أخاصم أقواما ذوي جدل لداوقال أبو عبيدة ; الألد الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل . الحسن ; اللد الصم عن الحق قال الربيع ; صم آذان القلوب . مجاهد ; فجارا . الضحاك ; مجادلين في الباطل . ابن عباس ; شديدا في الخصومة . وقيل ; الظالم الذي لا يستقيم والمعنى واحد وخصوا بإنذار لأن الذي لا عناد عنده يسهل انقياده .
يقول تعالى ذكره; وكثيرًا أهلكنا يا محمد قبل قومك من مشركي قريش، من قرن، يعني من جماعة من الناس، إذا سلكوا في خلافي وركوب معاصي مسلكهم، هل تحسّ منهم من أحد; يقول; فهل تحسّ أنت منهم أحدًا يا محمد فتراه وتعاينه ( أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) يقول;أو تسمع لهم صوتا، بل بادوا وهلكوا، وخلت منهم دورهم، وأوحشت منهم منازلهم، وصاروا إلى دار لا ينفعهم فيها إلا صالح من عمل قدّموه، فكذلك قومك هؤلاء، صائرون إلى ما صار إليه أولئك، إن لم يعالجوا التوبة قبل الهلاك.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) قال; صوتا.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) قال; هل ترى عينا، أو تسمع صوتا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) يقول; هل تسمع من صوت، أو ترى من عين .حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ، يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول، في قوله ( أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) يعني; صوتا.حدثنا أبو كريب ، قال; ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال; ركز الناس; أصواتهم. قال أبو كريب; قال سفيان; ( هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ) قال; أو تسمع لهم حسا. قال; والركز; الحس.قال أبو جعفر; والركز في كلام العرب; الصوت الخفيّ، كما قال الشاعر;فَتَوجَّسَــتْ ذِكْــرَ الأنِيسِ فَراعَهـاعَـنْ ظَهْـرِ غَيْـبٍ والأنِيسُ سَـقامُها (2)
ثم توعدهم بإهلاك المكذبين قبلهم، فقال: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ } من قوم نوح، وعاد، وثمود، وفرعون، وغيرهم من المعاندين المكذبين، لما استمروا في ظغيانهم، أهلكهم الله فليس لهم من باقية. { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا } والركز: الصوت الخفي، أي: لم يبق منهم عين ولا أثر، بل بقيت أخبارهم عبرة للمعتبرين، وأسمارهم عظة للمتعظين. تم تفسير سورة مريم، ولله الحمد والشكر.
(الواو) استئنافيّة
(كم أهلكنا قبلهم من قرن) مرّ إعرابها ،
(هل) حرف استفهام للإنكار
(منهم) متعلّق بحال من أحد- نعت تقدّم على المنعوت-
(أحد) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به لفعل تحسّ
(أو) حرف عطف
(لهم) متعلّق بحال من(ركزا) وهو مفعول به عاملة تسمع، منصوب.
جملة: «أهلكنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تحسّ ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ .
وجملة: «تسمع ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تحسّ.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٩٨
Maryam19:98