قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِىٓ أَعْمٰى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِىۡۤ اَعۡمٰى وَقَدۡ كُنۡتُ بَصِيۡرًا
تفسير ميسر:
قال المعرِض عن ذكر الله; ربِّ لِمَ حَشَرْتني أعمى، وقد كنت بصيرًا في الدنيا؟
ولهذا يقول "رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا" أي في الدنيا.
قال رب لم حشرتني أعمى أي بأي ذنب عاقبتني بالعمى . وقد كنت بصيرا أي في الدنيا ، وكأنه يظن أنه لا ذنب له . وقال ابن عباس ومجاهد ; أي لم حشرتني أعمى عن حجتي وقد كنت بصيرا أي عالما بحجتي ؛ القشيري ; وهو بعيد إذ ما كان للكافر حجة في الدنيا .
وقوله ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم في ذلك، ما حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرزاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ) لا حجة لي.وقوله ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم; معناه; وقد كنت بصيرا بحجتي.ذكر من قال ذلك; حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) قال; عالما بحجتي.وقال آخرون. بل معناه; وقد كنت ذا بصر أبصر به الأشياء.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) في الدنيا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) قال; كان بعيد البصر، قصير النظر، أعمى عن الحقّ.قال أبو جعفر; والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله عزّ شأنه وجلّ ثناؤه، عمّ بالخبر عنه بوصفه نفسه بالبصر، ولم يخصص منه معنى دون معنى، فذلك على ما عمه ، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الآية، قال; ربّ لم حشرتني أعمى عن حجتي ورؤية الأشياء، وقد كنت في الدنيا ذا بصر بذلك كله.فإن قال قائل; وكيف قال هذا لربه ( لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ) مع معاينته عظيم سلطانه، أجهل في ذلك الموقف أن يكون لله أن يفعل به ما شاء، أم ما وجه ذلك؟ قيل; إن ذلك منه مسألة لربه يعرّفه الجرم الذي استحق به ذلك، إذ كان قد جهله، وظنّ أن لا جرم له، استحق ذلك به منه، فقال; ربّ لأيّ ذنب ولأيّ جرم حشرتني أعمى، وقد كنت من قبل في الدنيا بصيرا وأنت لا تعاقب أحدا إلا بدون ما يستحق منك من العقاب.
قال على وجه الذل والمراجعة والتألم والضجر من هذه الحالة: { رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ } في دار الدنيا { بَصِيرًا } فما الذي صيرني إلى هذه الحالة البشعة.
(ربّ) مرّ إعرابها ،
(لم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (حشرتني) ، و (ما) اسم استفهام حذفت ألفه
(أعمى) حال منصوبة من الياء
(الواو) حاليّة
(بصيرا) خبر كنت منصوب. .جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة النداء: «ربّ ... » لا محلّ لها اعتراضيّة. وجملة: «حشرتني ... » في محلّ نصب مقول القول. وجملة: «كنت بصيرا» في محلّ نصب حال من مفعول حشرتني