قَالُوا يٰمُوسٰىٓ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقٰى
قَالُوۡا يٰمُوۡسٰٓى اِمَّاۤ اَنۡ تُلۡقِىَ وَاِمَّاۤ اَنۡ نَّكُوۡنَ اَوَّلَ مَنۡ اَلۡقٰى
تفسير ميسر:
قال السحرة; يا موسى إما أن تلقي عصاك أولا وإما أن نبدأ نحن فنلقي ما معنا.
يقول تعالى مخبراً عن السحرة حين توافقوا هم وموسى عليه السلام أنهم قالوا لموسى "إما أن تلقي" أي أنت أولا.
قوله تعالى ; قالوا يا موسى يريد السحرة . إما أن تلقي عصاك من يدك وإما أن نكون أول من ألقى تأدبوا مع موسى فكان ذلك سبب إيمانهم .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)اختلفت القراء في قراءة قوله ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) بهمز الألف من (فأجْمِعُوا) ، ووجِّهوا معنى ذلك إلى; فأحكموا كيدكم، واعزموا عليه، من قولهم; أجمع فلان الخروج، وأجمع &; 18-333 &; على الخروج، كما يقال; أزمع عليه، ومنه قول الشاعر;يـا لَيـت شِـعْرِي والمُنـى لا تَنْفَـعُهَـلْ أغْـدُونْ يوْمـا وأمْـرِي مُجْـمعُ (7)يعني بقوله; " مجمع "; قد أحكم وعزم عليه، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم; " مَنْ لمْ يُجْمَعْ عَلى الصَّوْمِ مِن اللَّيْلِ فَلا صَوْم لَهُ".وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة; ( فاجْمِعُوا كَيْدكُمْ) بوصل الألف، وترك همزها، من جمعت الشيء، كأنه وجَّهه إلى معنى; فلا تدعَوا من كيدكم شيئا إلا جئتم به. وكان بعض قارئي هذه القراءة يعتلّ فيما ذُكر لي لقراءته ذلك كذلك بقوله فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ..قال أبو جعفر; والصواب في قراءة ذلك عندنا همز الألف من أجمع، لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وأن السحرة هم الذين كانوا به معروفين، فلا وجه لأن يقال لهم; أجمعوا ما دعيتم له مما أنتم به عالمون، لأن المرء إنما يجمع ما لم يكن عنده إلى ما عنده، ولم يكن ذلك يوم تزيد في علمهم بما كانوا يعملونه من السحر، بل كان يوم إظهاره، أو كان متفرّقا مما هو عنده، بعضه إلى بعض، ولم يكن السحر متفرّقا عندهم فيجمعونه ، وأما قوله فَجَمَعَ كَيْدَهُ فغير شبيه المعنى بقوله ( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) وذلك أن فرعون كان هو الذي يجمع ويحتفل بما يغلب به موسى مما لم يكن عنده مجتمعا حاضرا، فقيل; فتولى فرعون فجمع كيده.وقوله ( ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ) يقول; احضروا وجيئوا صفا، والصفّ هاهنا مصدر، ولذلك وحد، ومعناه; ثم ائتوا صفوفا، وللصفّ في كلام العرب موضع آخر، وهو قول العرب; أتيت الصفّ اليوم، يعني به المصلى الذي يصلي فيه.وقوله ( وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ) يقول; قد ظفر بحاجته اليوم من علا على صاحبه فقهره.كما حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال; حُدثت عن وهب بن منبه، قال; جمع فرعون الناس لذلك الجمع، ثم أمر السحرة فقال ( ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ) أي قد أفلح من أفلج اليوم على صاحبه.------------------------الهوامش ;(7) البيت في ( اللسان ; جمع ) ولم ينسبه قال وجمع أمره وأجمع عليه ; عزم عليه ، كأنه جمع نفسه له ، والأمر مجمع . ويقال أيضا . أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا وقال آخر " يا ليت شعري . . . البيت " وقوله تعالى ; " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " أي وادعوا شركاءكم قال وكذلك هي في قراءة عبد الله ؛ لأنه لا يقال أجمعت شركائي ، إنما يقال جمعت ، وقال الفراء الإجماع ; الإعداد والعزيمة على الأمر قال ونصب شركائي بفعل مضمر ، كأنك قلت فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم قال أبو إسحاق الذي قاله الفراء غلط في إضماره " وادعوا شركاءكم " . لأن الكلام لا فائدة له . لأنهم كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم . قال والمعنى فأجمعوا أمركم مع شركاءكم ، وإذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه قالوا والواو بمعنى مع . كقولك " لو يركب الناقة وفصيلها لرضعها " المعنى لو يركب الناقة مع فصيلها قال ومن قرأ " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " بألف موصولة فإنه يعطف شركاءكم على أمركم قال ويجوز فأجمعوا أمركم مع شركائكم .
فلما تمت مكيدتهم، وانحصر مقصدهم، ولم يبق إلا العمل { قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ } عصاك { وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى } خيروه، موهمين أنهم على جزم من ظهورهم عليه بأي: حالة كانت
والمصدر المؤوّلـ (أن تلقي..) في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف . والمصدر المؤوّلـ (أن نكون..) في محلّ رفع معطوف على المصدر المؤوّل الأول. (أوّل) خبر نكون منصوبـ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(ألقى) ماض مبنيّ على الفتح المقدّر. جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة النداء: «يا موسى ... » في محلّ نصب مقول القول . وجملة: «
(إلقاؤك) أوّل ... » لا محلّ لها جواب النداء. وجملة: «تلقي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) . وجملة: «نكون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ الثاني. وجملة: «ألقى ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من)