الرسم العثمانيوَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثٰلَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا
الـرسـم الإمـلائـيوَكُلًّا ضَرَبۡنَا لَهُ الۡاَمۡثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّـرۡنَا تَـتۡبِيۡرًا
تفسير ميسر:
وكل الأمم بيَّنَّا لهم الحجج، ووضَّحنا لهم الأدلة، وأزحنا الأعذار عنهم، ومع ذلك لم يؤمنوا، فأهلكناهم بالعذاب إهلاكًا.
ولهذا قال "وكلا ضربنا له الأمثال" أي بينا لهم الحجج ووضحنا لهم الأدلة كما قال قتادة وأزحنا الأعذار عنهم "وكلا تبرنا تتبيرا" أي أهلكنا إهلاكا كقوله تعالى; "وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح" والقرن هو الأمة من الناس كقوله; "ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين" وعده بعضهم بمائه وعشرين سنة وقيل بمائه وقيل بثمانين وقيل أربعين وقيل غير ذلك والأظهر أن القرن هو الأمة المتعاصرون في الزمن الواحد وإذا ذهبوا وخلفهم جيل فهو قرن آخر كما ثبت في الصحيحين "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" الحديث.
قوله تعالى ; وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا .قوله تعالى ; وكلا ضربنا له الأمثال قال الزجاج . أي وأنذرنا كلا ضربنا له الأمثال وبينا لهم الحجة ، ولم نضرب لهم الأمثال الباطلة كما يفعله هؤلاء الكفرة . وقيل ; انتصب على تقدير ; ذكرنا كلا ، ونحوه ; لأن ضرب الأمثال تذكير ووعظ ; ذكره المهدوي . والمعنى واحد . وكلا تبرنا تتبيرا أي أهلكنا بالعذاب . وتبرت الشيء كسرته . وقال المؤرج والأخفش ; دمرناهم تدميرا . تبدل التاء والباء من الدال والميم .
(أَمْ تَحْسَبُ) يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين (يَسْمَعُونَ) ما يتلى عليهم, فيعون ( أَوْ يَعْقِلُونَ ) ما يعاينون من حجج الله, فيفهمون ( إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ ) يقول; ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها, ولا تفقه, بل هم من البهائم أضلّ سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها, وتنقاد لأربابها, وهؤلاء الكفرة لا يطيعون ربهم, ولا يشكرون نعمة من أنعم عليهم, بل يكفرونها, ويعصون من خلقهم وبرأهم.
تفسير الايات من 35 الى 40 أشار تعالى إلى هذه القصص وقد بسطها في آيات أخر ليحذر المخاطبين من استمرارهم على تكذيب رسولهم فيصيبهم ما أصاب هؤلاء الأمم الذين قريبا منهم ويعرفون قصصهم بما استفاض واشتهر عنهم. ومنهم من يرون آثارهم عيانا كقوم صالح في الحجر وكالقرية التي أمطرت مطر السوء بحجارة من سجيل يمرون عليهم مصبحين وبالليل في أسفارهم، فإن أولئك الأمم ليسوا شرا منهم ورسلهم ليسوا خيرا من رسول هؤلاء { أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ } ولكن الذي منع هؤلاء من الإيمان -مع ما شاهدوا من الآيات- أنهم كانوا لا يرجون بعثا ولا نشورا، فلا يرجون لقاء ربهم ولا يخشون نكاله فلذلك استمروا على عنادهم، وإلا فقد جاءهم من الآيات ما لا يبقي معه شك ولا شبهة ولا إشكال ولا ارتياب.
(الواو) عاطفة
(كلّا) مفعول به لفعل محذوف يفسّره ما بعده أي: أنذرنا أو خوّفنا
(له) متعلّق بـ (ضربنا) ، و (كلّا) الثاني مفعول به مقدّم منصوبـ (تتبيرا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة: «أنذرنا» كلّا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة
(دمّرنا) عادا.
وجملة: «ضربنا ... » لا محلّ لها تفسيريّة.وجملة: «تبّرنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة
(أنذرنا) كلّا.
- القرآن الكريم - الفرقان٢٥ :٣٩
Al-Furqan25:39