وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُۥٓ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقٰى ۗ وَإِلَى اللَّهِ عٰقِبَةُ الْأُمُورِ
وَمَنۡ يُّسۡلِمۡ وَجۡهَهٗۤ اِلَى اللّٰهِ وَهُوَ مُحۡسِنٌ فَقَدِ اسۡتَمۡسَكَ بِالۡعُرۡوَةِ الۡوُثۡقٰىؕ وَاِلَى اللّٰهِ عَاقِبَةُ الۡاُمُوۡرِ
تفسير ميسر:
ومن يُخْلص عبادته لله وقصده إلى ربه تعالى، وهو محسن في أقواله، متقن لأعماله، فقد أخذ بأوثق سبب موصل إلى رضوان الله وجنته. وإلى الله وحده تصير كل الأمور، فيجازي المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته.
يقول تعالى مخبرا عمن أسلم وجهه لله أي أخلص له العمل وانقاد لأمره واتبع شرعه ولهذا قال "وهو محسن" أي في عمله; باتباع ما به أمر وترك ما عنه زجر "فقد استمسك بالعروة الوثقى" أي فقد أخذ موثقا من الله متينا أنه لا يعذبه "وإلى الله عاقبة الأمور".
قوله تعالى ; ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور .قوله تعالى ; ومن يسلم وجهه إلى الله أي يخلص عبادته وقصده إلى الله تعالى . وهو محسن لأن العبادة من غير إحسان ولا معرفة القلب لا تنفع ; نظيره ; ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن . وفي حديث جبريل قال ; فأخبرني عن الإحسان ؟ قال ; أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . فقد استمسك بالعروة الوثقى قال ابن عباس ; لا إله إلا الله ; وقد مضى في ( البقرة ) . وقد قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه [ ص; 70 ] والسلمي وعبد الله بن مسلم بن يسار ; ومن يسلم . النحاس ; و ( يسلم ) في هذا أعرف ; كما قال عز وجل ; فقل أسلمت وجهي لله ومعنى ; أسلمت وجهي لله قصدت بعبادتي إلى الله عز وجل ; ويكون ( يسلم ) على التكثير ; إلا أن المستعمل في سلمت أنه بمعنى دفعت ; يقال سلمت في الحنطة ، وقد يقال أسلمت . الزمخشري ; قرأ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ; ( ومن يسلم ) بالتشديد ; يقال ; أسلم أمرك وسلم أمرك إلى الله تعالى ; فإن قلت ; ما له عدي بإلى ، وقد عدي باللام في قوله عز وجل ; بلى من أسلم وجهه لله ؟ قلت ; معناه مع اللام أنه جعل وجهه وهو ذاته ونفسه سالما لله ; أي خالصا له . ومعناه مع إلى راجع إلى أنه سلم إليه نفسه كما يسلم المتاع إلى الرجل إذا دفع إليه . والمراد التوكل عليه والتفويض إليه . وإلى الله عاقبة الأمور أي مصيرها .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (22)يقول تعالى ذكره; ومن يُعبِّد وجهه متذللا بالعبودة، مقرّا له بالألوهة (وَهُوَ مُحْسِنٌ) يقول; وهو مطيع لله في أمره ونهيه، ( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) يقول; &; 20-150 &; فقد تمسك بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه من تمسك به، وهذا مثل، وإنما يعني بذلك; أنه قد تمسك من رضا الله بإسلامه وجهه إليه وهو محسن، ما لا يخاف معه عذاب الله يوم القيامة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن وكيع، قال; ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي السوداء، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) قال; لا إله إلا الله.وقوله; ( وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) يقول; وإلى الله مرجع عاقبة كلّ أمر خيره وشرّه، وهو المسائل أهله عنه، ومجازيهم عليه.
{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ } أي: يخضع له وينقاد له بفعل الشرائع مخلصا له دينه. { وَهُوَ مُحْسِنٌ } في ذلك الإسلام بأن كان عمله مشروعا، قد اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.أو: ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بفعل جميع العبادات، وهو محسن فيها، بأن يعبد اللّه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإنه يراه.أو ومن يسلم وجهه إلى اللّه، بالقيام بحقوقه، وهو محسن إلى عباد اللّه، قائم بحقوقهم.والمعاني متلازمة، لا فرق بينها إلا من جهة [اختلاف] مورد اللفظتين، وإلا فكلها متفقة على القيام بجميع شرائع الدين، على وجه تقبل به وتكمل، فمن فعل ذلك فقد أسلم و { اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } أي: بالعروة التي من تمسك بها، توثق ونجا، وسلم من الهلاك، وفاز بكل خير.ومن لم يسلم وجهه للّه، أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى، وإذا لم يستمسك بالعروة الوثقى لم يكن ثَمَّ إلا الهلاك والبوار. { وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } أي: رجوعها وموئلها ومنتهاها، فيحكم في عباده، ويجازيهم بما آلت إليه أعمالهم، ووصلت إليه عواقبهم، فليستعدوا لذلك الأمر.
(الواو) استئنافيّة
(إلى الله) متعلّق بـ (يسلم) ،
(الواو) حاليّة
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(بالعروة) متعلّق بـ (استمسك) ،
(الواو) عاطفة
(إلى الله) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر عاقبة.
جملة: «من يسلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يسلم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «هو محسن ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «استمسك ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إلى الله عاقبة ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
(23)
(الواو) عاطفة
(كفر) مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لا) ناهية جازمة
(إلينا) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ مرجعهم
(الفاء) عاطفة
(ما) حرف مصدري ،
(بذات) متعلّق بعليم.
والمصدر المؤوّلـ (ما عملوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (ننبّئهم) .
وجملة: «من كفر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من يسلم.وجملة: «كفر ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «لا يحزنك كفره ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إلينا مرجعهم» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «ننبّئهم» لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «إنّ الله عليم ... » لا محلّ لها تعليليّة.
(24)
(قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته ،
(ثمّ) حرف عطف
(إلى عذاب) متعلّق بـ (نضطرهم) بتضمينه معنى نردّهم.
وجملة: «نمتّعهم ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «نضطرّهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة نمتّعهم.
(25)
(الواو) عاطفة
(اللام) موطّئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(سألتهم) في محلّ جزم فعل الشرط
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(اللام) لام القسم
(يقولنّ) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون، وقد حذفت لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، و (النون) نون التوكيد
(الله) مبتدأ خبره محذوف أي خالقها
(لله) متعلّق بخبر المبتدأ الحمد
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(لا) نافية.
وجملة: «إن سألتهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من كفر.
وجملة: «من خلق ... » في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل السؤالالمعلّق بالاستفهام.
وجملة: «خلق ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «يقولنّ ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر ... وجملة القسم المقدّرة استئنافيّة.
وجملة: «الله
(خالقها) » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الحمد لله ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أكثرهم لا يعلمون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أكثرهم) .