الرسم العثمانيقُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا
الـرسـم الإمـلائـيقُلْ لَّنۡ يَّنۡفَعَكُمُ الۡفِرَارُ اِنۡ فَرَرۡتُمۡ مِّنَ الۡمَوۡتِ اَوِ الۡقَتۡلِ وَاِذًا لَّا تُمَتَّعُوۡنَ اِلَّا قَلِيۡلًا
تفسير ميسر:
قل -أيها النبي- لهؤلاء المنافقين; لن ينفعكم الفرار من المعركة خوفًا من الموت أو القتل؛ فإن ذلك لا يؤخر آجالكم، وإن فررتم فلن تتمتعوا في هذه الدنيا إلا بقدر أعماركم المحدودة، وهو زمن يسير جدًا بالنسبة إلى الآخرة.
ثم أخبرهم أن فرارهم ذلك لا يؤخر آجالهم ولا يطول أعمارهم بل ربما كان ذلك سببا في تعجيل أخذهم غرة ولهذا قال تعالى "وإذا لا تمتعون إلا قليلا" أي بعد هربكم وفراركم "قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى".
قوله تعالى ; قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا .قوله تعالى ; قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل أي من حضر أجله مات أو قتل ; فلا ينفع الفرار . وإذا لا تمتعون إلا قليلا أي في الدنيا بعد الفرار إلى أن تنقضي آجالكم ; وكل ما هو آت فقريب . وروى الساجي عن يعقوب الحضرمي ( وإذا لا يمتعون ) بياء . وفي بعض الروايات ( وإذا لا تمتعوا ) نصب ب ( إذا ) ، والرفع بمعنى ( ولا تمتعون ) . و ( إذا ) ملغاة ، ويجوز إعمالها . فهذا حكمها إذا كان قبلها الواو والفاء . فإذا كانت مبتدأة نصبت بها فقلت ; إذا أكرمك .
القول في تأويل قوله تعالى ; قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا (16)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; (قُلْ) يا محمد، لهؤلاء الذين يستأذنوك في الانصراف عنك ويقولون; إن بيوتنا عورة ( لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ) يقول; لأن ذلك، أو ما كتب الله منهما واصل إليكم بكل حال، كرهتم أو أحببتم (وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) يقول; وإذا فررتم من الموت أو القتل لم يزد فراركم ذلك في أعماركم وآجالكم، بل إنما تمتعون في هذه الدنيا إلى الوقت الذي كتب لكم، ثم يأتيكم ما كتب لكم وعليكم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَلِيلا ) وإنما الدنيا كلها قليل.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن ربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال; إلى آجالهم.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، عن ربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال; ما بينهم وبين الأجل.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا يحيى وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان، عن منصور، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم، مثله إلا أنه قال; ما بينهم وبين آجالهم.حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا شعبة، عن منصور، عن أبي رزين، أنه قال في هذه الآية; فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا قال; ليضحكوا في الدنيا قليلا وليبكوا في النار كثيرا. وقال في هذه الآية; (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال; إلى آجالهم. أحد هذين الحديثين رفعه إلى ربيع بن خيثم.حدثنا ابن وكيع، قال; ثني أبي، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن الربيع بن خيثم (وَإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا) قال; الأجل. ورفع قوله; (تُمَتَّعُونَ) ولم ينصب بـ" إذًا " للواو التي معها؛ وذلك أنه إذا كان قبلها واو، كان معنى " إذًا " التأخير بعد الفعل، كأنه قيل; ولو فرّوا لا يمتَّعون إلا قليلا إذًا، وقد يُنصب بها أحيانا، وإن كان معها واو؛ لأن الفعل متروك، فكأنها لأوّل الكلام.
{ قُلْ } لهم، لائمًا على فرارهم، ومخبرًا أنهم لا يفيدهم ذلك شيئًا { لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ } فلو كنتم في بيوتكم، لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعكم.والأسباب تنفع، إذا لم يعارضها القضاء والقدر، فإذا جاء القضاء والقدر، تلاشى كل سبب، وبطلت كل وسيلة، ظنها الإنسان تنجيه.{ وَإِذَا } حين فررتم لتسلموا من الموت والقتل، ولتنعموا في الدنيا فإنكم { لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا } متاعًا، لا يسوى فراركم، وترككم أمر اللّه، وتفويتكم على أنفسكم، التمتع الأبدي، في النعيم السرمدي.
(فررتم) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط(من الموت) متعلّق بـ (فررتم) ،
(الواو) عاطفة
(إذا) بالتنوين: حرف جوابـ (لا) نافية، و (الواو) في(تمتّعون) نائب الفاعلـ (إلّا) للحصر
(قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته أي: تمتّعا قليلا.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لن ينفعكم الفرار ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إن فررتم ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.
وجملة: «لا تمتّعون إلّا قليلا..» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي: إذا نفعكم ظاهرا لا تمتّعون....
- القرآن الكريم - الأحزاب٣٣ :١٦
Al-Ahzab33:16