فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثٰقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِـَٔايٰتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنۢبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌۢ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا
فَبِمَا نَقۡضِهِمۡ مِّيۡثَاقَهُمۡ وَكُفۡرِهِمۡ بِاٰيٰتِ اللّٰهِ وَقَتۡلِهِمُ الۡاَنۡۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقٍّ وَّقَوۡلِهِمۡ قُلُوۡبُنَا غُلۡفٌ ؕ بَلۡ طَبَعَ اللّٰهُ عَلَيۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُوۡنَ اِلَّا قَلِيۡلًا
تفسير ميسر:
فلعنَّاهم بسبب نقضهم للعهود، وكفرهم بآيات الله الدالة على صدق رسله، وقتلهم للأنبياء ظلمًا واعتداءً، وقولهم; قلوبنا عليها أغطية فلا تفقه ما تقول، بل طمس الله عليها بسبب كفرهم، فلا يؤمنون إلا إيمانًا قليلا لا ينفعهم.
وهذا من الذنوب التي ارتكبوها مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم وكفرهم بآيات الله أي حججه وبراهينه والمعجزات التي شاهدوها على يد الأنبياء عليهم السلام قوله; "وقتلهم الأنبياء بغير حق" وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله فإنهم قتلوا جما غفيرا من الأنبياء وقولهم قلوبنا غلف قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وقتادة وغير واحد أي في غطاء وهذا كقول المشركين وقالوا "قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه" الآية وقيل معناه أنهم ادعو أن قلوبهم غلف للعلم أي أوعية للعلم قد حوته وحصلته رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وقد تقدم نظيره في سورة البقرة قال الله تعالى; بل طبع الله عليها بكفرهم فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول لأنها في غلف وفي أكنة قال الله بل هي مطبوع عليها بكفرهم وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة فلا يؤمنون إلا قليلا أي تمرنت قلوبهم على الكفر والطغيان. وقلة الإيمان.
قوله تعالى ; فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا[ ص; 371 ] قوله تعالى ; فبما نقضهم ميثاقهم فبما نقضهم خفض بالباء وما زائدة مؤكدة كقوله ; فبما رحمة من الله وقد تقدم ؛ والباء متعلقة بمحذوف ، التقدير ; فبنقضهم ميثاقهم لعناهم ؛ عن قتادة وغيره . وحذف هذا لعلم السامع . وقال أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي ; هو متعلق بما قبله ؛ والمعنى فأخذتهم الصاعقة بظلمهم إلى قوله ; فبما نقضهم ميثاقهم قال ; ففسر ظلمهم الذي أخذتهم الصاعقة من أجله بما بعده من نقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء وسائر ما بين من الأشياء التي ظلموا فيها أنفسهم . وأنكر ذلك الطبري وغيره ؛ لأن الذين أخذتهم الصاعقة كانوا على عهد موسى ، والذين قتلوا الأنبياء ورموا مريم بالبهتان كانوا بعد موسى بزمان ، فلم تأخذ الصاعقة الذين أخذتهم برميهم مريم بالبهتان . قال المهدوي وغيره ; وهذا لا يلزم ؛ لأنه يجوز أن يخبر عنهم والمراد آباؤهم ؛ على ما تقدم في " البقرة " . قال الزجاج ; المعنى فبنقضهم ميثاقهم حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ؛ لأن هذه القصة ممتدة إلى قوله ; فبظلم من الذين هادوا حرمنا . ونقضهم الميثاق أنه أخذ عليهم أن يبينوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل ; المعنى فبنقضهم ميثاقهم وفعلهم كذا وفعلهم كذا طبع الله على قلوبهم . وقيل ; المعنى فبنقضهم لا يؤمنون إلا قليلا ؛ والفاء مقحمة . وكفرهم عطف ، وكذا وقتلهم . والمراد بآيات الله كتبهم التي حرفوها . وغلف جمع غلاف ؛ أي قلوبنا أوعية للعلم فلا حاجة بنا إلى علم سوى ما عندنا . وقيل ; هو جمع أغلف وهو المغطى بالغلاف ؛ أي قلوبنا في أغطية فلا نفقه ما تقول ؛ وهو كقوله ; قلوبنا في أكنة وقد تقدم هذا في " البقرة " وغرضهم بهذا درء حجة الرسل . والطبع ; الختم ؛ وقد تقدم في " البقرة " . بكفرهم أي ; جزاء لهم على كفرهم ؛ كما قال ; بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون أي إلا إيمانا قليلا أي ببعض الأنبياء ، وذلك غير نافع لهم .
القول في تأويل قوله ; فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا (155)قال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه; فبنقض هؤلاء الذين وصفتُ صفتهم من أهل الكتاب=" ميثاقهم "، يعني; عهودهم التي عاهدوا الله أن يعملوا بما في التوراة (1) =" وكفرهم بآيات الله "، يقول; وجحودهم=" بآيات الله "، يعني; بأعلام الله وأدلته التي احتج بها عليهم في صدق أنبيائه ورسله (2) وحقيقة ما جاءوهم به من عنده (3) =" وقتلهم الأنبياء بغير حق "، يقول; وبقتلهم الأنبياء بعد قيام الحجة عليهم بنبوّتهم=" بغير حق "، يعني; بغير استحقاق منهم ذلك لكبيرة أتوها، ولا خطيئة استوجبوا القتل عليها (4) =" وقولهم قلوبنا غلف "، يعني; وبقولهم " قلوبنا غلف "، يعني; يقولون; عليها غِشاوة وأغطِية عما تدعونا إليه، فلا نفقَه ما تقول ولا نعقله.* * *وقد بينا معنى; " الغلف "، وذكرنا ما في ذلك من الرواية فيما مضى قبل. (5)* * *=" بل طبع الله عليها بكفرهم "، يقول جل ثناؤه; كذبوا في قولهم; " قلوبنا غلف "، ما هي بغلف، ولا عليها أغطية، ولكن الله جل ثناؤه جعل عليها طابعًا بكفرهم بالله.* * *وقد بينا صفة " الطبع على القلب "، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (6)* * *=" فلا يؤمنون إلا قليلا "، يقول; فلا يؤمن -هؤلاء الذين وصف الله صفتهم، لطبعه على قلوبهم، فيصدقوا بالله ورسله وما جاءتهم به من عند الله- إلا إيمانًا قليلا يعني; تصديقًا قليلا وإنما صار " قليلا "، (7) لأنهم لم يصدقوا على ما أمرهم الله به، ولكن صدَّقوا ببعض الأنبياء وببعض الكتب، وكذبوا ببعض. فكان تصديقهم بما صدَّقوا به قليلا لأنهم وإن صدقوا به من وجه، فهم به مكذبون من وجه آخر، وذلك من وجه تكذيبهم من كذَّبوا به من الأنبياء وما جاءوا به من كتب الله، ورسلُ الله يصدِّق بعضهم بعضًا. وبذلك أمر كل نبي أمته. وكذلك كتب الله يصدق بعضها بعضًا، ويحقق بعض بعضًا. فالمكذب ببعضها مكذب بجميعها، من جهة جحوده ما صدقه الكتاب الذي يقرّ بصحته. فلذلك صار إيمانهم بما آمنوا من ذلك قليلا. (8)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;10774- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله; " فبما نقضهم ميثاقهم "، يقول; فبنقضهم ميثاقهم لعنَّاهم=" وقولهم قلوبنا غلف "، أي لا نفقه= ،" بل طبع الله عليها بكفرهم "، ولعنهم حين فعلوا ذلك.* * *واختلف في معنى قوله; " فبما نقضهم "، الآية، هل هو مواصلٌ لما قبله من الكلام، أو هو منفصل منه. (9)فقال بعضهم; هو منفصل مما قبله، ومعناه; فبنقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق، وقولهم قلوبنا غلف، طبع الله عليها بكفرهم ولعنهم. (10)*ذكر من قال ذلك;10775- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " فلا يؤمنون إلا قليلا "، لما ترك القوم أمرَ الله، وقتلوا رسله، وكفروا بآياته، ونقضوا الميثاق الذي أخذ عليهم، طبع الله عليها بكفرهم ولعنهم.* * *وقال آخرون; بل هو مواصل لما قبله. قالوا; ومعنى الكلام; فأخذتهم الصاعقة بظلمهم= فبنقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله، وبقتلهم الأنبياء بغير حق، وبكذا وكذا أخذتهم الصاعقة. قالوا; فتبع الكلام بعضه بعضًا، ومعناه; مردود إلى أوله. وتفسير " ظلمهم "، الذي أخذتهم الصاعقة من أجله، بما فسر به تعالى ذكره، من نقضهم الميثاق، وقتلهم الأنبياء، وسائر ما بيَّن من أمرهم الذي ظلموا فيه أنفسهم.* * *قال أبو جعفر; والصواب من القول في ذلك أن قوله; " فبما نقضهم ميثاقهم " وما بعده، منفصل معناه من معنى ما قبله، وأن معنى الكلام; فبما نقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله، وبكذا وبكذا، لعناهم وغضبنا عليهم= فترك ذكر " لعناهم "، لدلالة قوله; " بل طبع الله عليها بكفرهم "، على معنى ذلك. إذ كان من طبع على قلبه، فقد لُعِن وسُخِط عليه.وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الذين أخذتهم الصاعقة، إنما كانوا على عهد موسى= والذين قتلوا الأنبياء، والذين رموا مريم بالبهتان العظيم، وقالوا; قَتَلْنَا الْمَسِيحَ ، كانوا بعد موسى بدهر طويل. ولم يدرك الذين رموا مريم بالبهتان العظيم زمان موسى، ولا من صُعق من قومه.وإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أنّ الذين أخذتهم الصاعقة، لم تأخذهم عقوبةً لرميهم مريم بالبهتان العظيم، ولا لقولهم; إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ . وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن القوم الذين قالوا هذه المقالة، غير الذين عوقبوا بالصاعقة. وإذ كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا انفصال معنى قوله; " فبما نقضهم ميثاقهم "، من معنى قوله; فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ .--------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير"الميثاق" آنفًا ص; 362 ، تعليق; 2.(2) انظر تفسير"الآيات" فيما سلف من فهارس اللغة ، مادة (أيي).(3) في المطبوعة; "وحقية ما جاؤوهم به" ، بدل ما في المخطوطة. وانظر التعليق السالف ص; 360 ، تعليق; 2.(4) انظر تفسير"قتل الأنبياء بغير حق" فيما سلف 7 ; 116 ، 117 ، 446.(5) انظر تفسير"غلف" فيما سلف 2 ; 324-328.(6) انظر تفسير"الطبع" فيما سلف 1 ; 258. ولم يمض ذكر"الطبع" بهذا اللفظ في آية قبل هذه الآية ، ولكنه نسي ، إنما الذي مضى ما هو في معناه وهو"ختم الله على قلوبهم" ، و"الختم" هو"الطبع".(7) انظر تفسير"قليل" فيما سلف 2 ; 329-331 / 8 ; 439 ، 577.(8) تفسير"قليل" فيما سلف من الآيات التي أشرنا إليها ، فهو أجود مما هنا.(9) وانظر زيادة"ما" في قوله"فبما نقضهم ميثاقهم" فيما سلف 7 ; 340. وترك أبي جعفر بيان ذلك هنا ، أحد الأدلة على منهاجه في اختصار هذا التفسير.(10) في المطبوعة; "بل طبع الله عليها" كنص الآية ، وهو لا يستقيم ، والصواب ما في المخطوطة.
تفسير الايات 152 حتى 159 :ـ هذا السؤال الصادر من أهل الكتاب للرسول محمد صلى الله عليه وسلم على وجه العناد والاقتراح، وجعلهم هذا السؤال يتوقف عليه تصديقهم أو تكذيبهم. وهو أنهم سألوه أن ينزل عليهم القرآن جملة واحدة كما نزلت التوراة والإنجيل، وهذا غاية الظلم منهم والجهل، فإن الرسول بشر عبد مدبر، ليس في يده من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، وهو الذي يرسل وينزل ما يشاء على عباده كما قال تعالى عن الرسول، لما ذكر الآيات التي فيها اقتراح المشركين على محمد صلى الله عليه وسلم، { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا } وكذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه؟ بل نزول هذا القرآن مفرقا بحسب الأحوال مما يدل على عظمته واعتناء الله بمن أنزل عليه، كما قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } فلما ذكر اعتراضهم الفاسد أخبر أنه ليس بغريب من أمرهم، بل سبق لهم من المقدمات القبيحة ما هو أعظم مما سلكوه مع الرسول الذي يزعمون أنهم آمنوا به. من سؤالهم له رؤية الله عيانا، واتخاذهم العجل إلهًا يعبدونه، من بعد ما رأوا من الآيات بأبصارهم ما لم يره غيرهم. ومن امتناعهم من قبول أحكام كتابهم وهو التوراة، حتى رفع الطور من فوق رءوسهم وهددوا أنهم إن لم يؤمنوا أسقط عليهم، فقبلوا ذلك على وجه الإغماض والإيمان الشبيه بالإيمان الضروري. ومن امتناعهم من دخول أبواب القرية التي أمروا بدخولها سجدا مستغفرين، فخالفوا القول والفعل. ومن اعتداء من اعتدى منهم في السبت فعاقبهم الله تلك العقوبة الشنيعة. وبأخذ الميثاق الغليظ عليهم فنبذوه وراء ظهورهم وكفروا بآيات الله وقتلوا رسله بغير حق. ومن قولهم: إنهم قتلوا المسيح عيسى وصلبوه، والحال أنهم ما قتلوه وما صلبوه بل شُبِّه لهم غيره، فقتلوا غيره وصلبوه. وادعائهم أن قلوبهم غلف لا تفقه ما تقول لهم ولا تفهمه، وبصدهم الناس عن سبيل الله، فصدوهم عن الحق، ودعوهم إلى ما هم عليه من الضلال والغي. وبأخذهم السحت والربا مع نهي الله لهم عنه والتشديد فيه. فالذين فعلوا هذه الأفاعيل لا يستنكر عليهم أن يسألوا الرسول محمدا أن ينزل عليهم كتابا من السماء، وهذه الطريقة من أحسن الطرق لمحاجة الخصم المبطل، وهو أنه إذا صدر منه من الاعتراض الباطل ما جعله شبهة له ولغيره في رد الحق أن يبين من حاله الخبيثة وأفعاله الشنيعة ما هو من أقبح ما صدر منه، ليعلم كل أحد أن هذا الاعتراض من ذلك الوادي الخسيس، وأن له مقدمات يُجعل هذا معها. وكذلك كل اعتراض يعترضون به على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم يمكن أن يقابل بمثله أو ما هو أقوى منه في نبوة من يدعون إيمانهم به ليكتفى بذلك شرهم وينقمع باطلهم، وكل حجة سلكوها في تقريرهم لنبوة من آمنوا به فإنها ونظيرها وما هو أقوى منها، دالة ومقررة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. ولما كان المراد من تعديد ما عدد الله من قبائحهم هذه المقابلة لم يبسطها في هذا الموضع، بل أشار إليها، وأحال على مواضعها وقد بسطها في غير هذا الموضع في المحل اللائق ببسطها. وقوله: { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } يحتمل أن الضمير هنا في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } يعود إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كل كتابي يحضره الموت ويعاين الأمر حقيقة، فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام ولكنه إيمان لا ينفع، إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد، وأن لا يستمروا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم، فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟\" ويحتمل أن الضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } راجع إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار. فإنه تكاثرت الأحاديث الصحيحة في نزوله عليه السلام في آخر هذه الأمة. يقتل الدجال، ويضع الجزية، ويؤمن به أهل الكتاب مع المؤمنين. ويوم القيامة يكون عيسى عليهم شهيدا، يشهد عليهم بأعمالهم، وهل هي موافقة لشرع الله أم لا؟ وحينئذ لا يشهد إلا ببطلان كل ما هم عليه، مما هو مخالف لشريعة القرآن وَلِمَا دعاهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم، علمنا بذلك، لِعِلْمِنَا بكمال عدالة المسيح عليه السلام وصدقه، وأنه لا يشهد إلا بالحق، إلا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق وما عداه فهو ضلال وباطل.
(الفاء) استئنافيّة
(الباء) حرف جرّ للسببيّة
(ما) زائدة
(نقض) مجرور بالباء متعلّق بفعل محذوف تقديره
(لعناهم) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(ميثاق) مفعول به للمصدر نقض منصوب و (هم) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(كفرهم) مثل نقضهم ومعطوف عليه
(بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بالمصدر
(كفر) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(قتلهم الأنبياء) مثل نقضهم ميثاقهم
(بغير) جار ومجرور متعلّق بمحذوف حال أي ظالمين
(حق) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(قولهم) مثل نقضهم ومعطوف عليه
(قلوب) مبتدأ مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه
(غلف) خبر مرفوع
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(طبع) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(على) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (طبع) ،
(بكفر) جارّ ومجرور متعلّق بـ (طبع) والباء سببية و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (لا) نافية
(يؤمنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (إلّا) أداة حصر
(قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته منصوب.
جملة «
(لعنّاهم) المقدّرة» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قلوبنا غلف» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «طبع الله عليها» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يؤمنون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة طبع الله ...(156)
(الواو) عاطفة
(بكفرهم) مثل الأولى متعلّق بالفعل المقدّر لعنّاهم
(الواو) عاطفة
(قولهم) مثل كفرهم ومعطوف عليه
(على مريم) جارّ ومجرور متعلّق بالمصدر
(قول) بتضمينه معنى كذبهم وتماديهم، وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف
(بهتانا) مفعول به منصوب ،
(عظيما) نعت منصوب.
(157)
(الواو) عاطفة
(قولهم) معطوف على قولهم الأول مجرور مثله
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(قتلنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) فاعلـ (المسيح) مفعول به منصوبـ (عيسى) بدل من المسيح منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(بن) نعت لعيسى منصوب مثله أو بدل منه
(مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف
(رسول) نعت لعيسى منصوب أو بدل منه أو عطف بيان ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية
(قتلوا) فعل ماض مبني على الضمّ والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(ما صلبوه) مثل ما قتلوه
(الواو) عاطفة
(لكن) حرف استدراك
(شبّه) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (شبّه) ،
(الواو) عاطفة
(إنّ) مثل الأولـ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ
(اختلفوا) مثل قتلوا
(في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (اختلفوا)
(اللام) هي المزحلقة وتفيد التوكيد
(في شك) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ
(منه) مثلفيه متعلّق بنعت لشك
(ما) نافية
(لهم) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم
(به) مثل فيه متعلّق بحال من علم
(من) حرف جرّ زائد
(علم) مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنه مبتدأ مؤخّر
(إلّا) أداة استثناء
(اتّباع) مستثنى منصوب على الاستثناء المنقطع
(الظنّ) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(ما قتلوه) مثل الأولى
(يقينا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر فهو صفته أي ما قتلوه قتلا يقينا .
وجملة «إنّا قتلنا ... » : في محلّ نصب مقول القول للمصدر قولهم.
وجملة «قتلنا المسيح» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «ما قتلوه» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ما صلبوه» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه.
وجملة «لكن شبّه لهم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه وجملة «إنّ الذين اختلفوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه.
وجملة «اختلفوا ... » : لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «ما لهم به من علم» : لا محل لها استئناف بيانيّ .
وجملة «ما قتلوه ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما لهم به من علم.
(158)
(بل) للإضراب الإبطاليّ
(رفع) مثل طبع و (الهاء) ضمير مفعول به
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(إليه) مثل فيه متعلّق بـ (رفع) ،(الواو) عاطفة
(كان الله عزيزا حكيما) مثل كان الله سميعا عليما .
وجملة «رفعه الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كان الله عزيزا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.