الرسم العثمانيوَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِۦ نَفْسُهُۥ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ خَلَقۡنَا الۡاِنۡسَانَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهٖ نَفۡسُهٗ ۖۚ وَنَحۡنُ اَقۡرَبُ اِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ الۡوَرِيۡدِ
تفسير ميسر:
ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب).
يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل" وقوله عز وجل "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" يعني ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد وهما منفيان بالإجماع تعالى الله وتقدس ولكن الله لا يقتضيه فإنه لم يقل وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" كما قال في المحتضر "ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون" يعني ملائكته وكما قال تبارك وتعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فالملائكة نزلت بالذكر وهو القرآن بإذن الله عز وجل وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله جل وعلا لهم على ذلك فللملك لمة من الإنسان كما أن للشيطان لمة وكذلك الشيطان يجري من ابن آدم يجرى الدم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق.
قوله تعالى ; ولقد خلقنا الإنسان يعني الناس ، وقيل ; آدم .ونعلم ما توسوس به نفسه أي ; ما يختلج في سره وقلبه وضميره ، وفي هذا زجر عن المعاصي التي يستخفي بها . [ ص; 10 ] ومن قال ; إن المراد بالإنسان آدم ; فالذي وسوست به نفسه هو الأكل من الشجرة ، ثم هو عام لولده . والوسوسة حديث النفس بمنزلة الكلام الخفي . قال الأعشى ; تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل وقد مضى في " الأعراف " .ونحن أقرب إليه من حبل الوريد هو حبل العاتق وهو ممتد من ناحية حلقه إلى عاتقه ، وهما وريدان عن يمين وشمال . روي معناه عن ابن عباس وغيره وهو المعروف في اللغة . والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين . وقال الحسن ; الوريد الوتين وهو عرق معلق بالقلب . وهذا تمثيل للقرب ; أي ; نحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو منه ، وليس على وجه قرب المسافة . وقيل ; أي ; ونحن أملك به من حبل وريده مع استيلائه عليه . وقيل ; أي ; ونحن أعلم بما توسوس به نفسه من حبل وريده الذي هو من نفسه ; لأنه عرق يخالط القلب ، فعلم الرب أقرب إليه من علم القلب ، روي معناه عن مقاتل قال ; الوريد عرق يخالط القلب ، وهذا القرب قرب العلم والقدرة ، وأبعاض الإنسان يحجب البعض البعض ولا يحجب علم الله شيء .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)وقوله ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) يقول تعالى ذكره; ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما تحدِّث به نفسه, فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول; ونحن أقرب للإنسان من حبل العاتق; والوريد; عرق بين الحلقوم والعلباوين, والحبل; هو الوريد, فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ, قال; ثنا أبو صالح, قال; ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول; عرق العنق.حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( حَبْلِ الْوَرِيدِ ) قال; الذي يكون في الحلق.وقد اختلف أهل العربية في معنى قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) فقال بعضهم; معناه; نحن أملك به, وأقرب إليه في المقدرة عليه.وقال آخرون; بل معنى ذلك ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه.
يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدره وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهوالعرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب منه في جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(الواو) حاليّة
(ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به ،
(به) متعلّق بـ (توسوس) ،
(الواو) عاطفة
(إليه) متعلّق بـ (أقرب)
(من حبل) متعلّق بـ (أقرب) .
جملة: «خلقنا ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نعلم ... » في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره نحن..
والجملة الاسميّة في محلّ نصب حال .
وجملة: «توسوس» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .وجملة: «نحن أقرب ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة
(نحن) نعلم.
17-
(إذ) ظرف للزمن الماضي في محلّ نصب متعلّق بـ (أقرب) ،
(عن اليمين) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(قعيد) .. وقد أفرد لأنه على وزن فعيل حيث يستوي فيه الإفراد والتثنية والجمع
(عن الشمال) معطوف على الجارّ الأول.
وجملة: «يتلقّى المتلقّيان ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «عن اليمين ... قعيد» في محلّ نصب حال من(المتلقّيان) .
18-
(ما) نافية
(قول) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به
(إلّا) للحصر
(لديه) ظرف مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بمحذوف خبر مقدّم للمبتدأ
(رقيب) ..
وجملة: «ما يلفظ ... » لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة: «لديه رقيب» في محلّ نصب حال من فاعل يلفظ.
- القرآن الكريم - ق٥٠ :١٦
Qaf50:16