الرسم العثمانيوَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثٰقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا لَـكُمۡ لَا تُؤۡمِنُوۡنَ بِاللّٰهِۚ وَالرَّسُوۡلُ يَدۡعُوۡكُمۡ لِتُؤۡمِنُوۡا بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ اَخَذَ مِيۡثَاقَكُمۡ اِنۡ كُنۡتُمۡ مُّؤۡمِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
وأيُّ عذر لكم في أن لا تصدقوا بوحدانية الله وتعملوا بشرعه، والرسول يدعوكم إلى ذلك، وقد أخذ الله ميثاقكم على ذلك، إن كنتم مؤمنين بالله خالقكم؟
أي وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به وقد روى في الحديث من طرق في أوائل شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه "أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا؟ - قالوا الملائكة قال - وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم قالوا فالأنبياء قال - وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم - قالوا فنحن قال - وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها" وقد ذكرنا طرفا من هذه في أول سورة البقرة عند قوله تعالى "الذين يؤمنون بالغيب" وقوله تعالى "وقد أخذ ميثاقكم" كما قال تعالى "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به أذ قلتم سمعنا وأطعنا" ويعني بذلك بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم وهو مذهب مجاهد فالله أعلم.
قوله تعالى ; وما لكم لا تؤمنون بالله استفهام يراد به التوبيخ . أي ; أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل ؟ والرسول يدعوكم بين بهذا أنه لا حكم قبل ورود الشرائع . قرأ أبو عمرو ; " وقد أخذ ميثاقكم " على غير مسمى الفاعل . والباقون على مسمى الفاعل ، أي ; أخذ الله ميثاقكم . قال مجاهد ; هو الميثاق الأول الذي كان وهم في ظهر آدم بأن الله ربكم لا إله لكم سواه . وقيل ; أخذ ميثاقكم بأن ركب فيكم العقول ، وأقام عليكم الدلائل والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول إن كنتم مؤمنين أي ; إذ كنتم . وقيل ; أي ; إن كنتم مؤمنين بالحجج والدلائل . وقيل ; أي ; إن كنتم مؤمنين بحق يوما من الأيام ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقد صحت براهينه . وقيل ; إن كنتم مؤمنين بالله خالقكم . وكانوا يعترفون بهذا . وقيل ; هو خطاب لقوم آمنوا وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقهم فارتدوا . وقوله ; إن كنتم مؤمنين أي ; إن كنتم تقرون بشرائط الإيمان .
يقول تعالى ذكره; (وما لكم لا تؤمنون بالله)، وما شأنكم أيها الناس لا تقرّون بوحدانية الله، ورسوله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يدعوكم إلى الإقرار بوحدانيته، وقد أتاكم من الحجج على حقيقة ذلك، ما قطع عذركم، وأزال الشكّ من قلوبكم، (وقد أخذ ميثاقكم)، قيل; عني بذلك؛ وقد أخذ منكم ربكم ميثاقكم في صُلب آدم، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ) قال; في ظهر آدم.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق غير أبي عمرو (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ )، بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق، بمعنى; وقد أخذ ربكم ميثاقكم. وقرأ ذلك أبو عمرو; ( وَقَدْ أخَذَ مِيثاقَكُمْ ) بضمّ الألف ورفع الميثاق، على وجه ما لم يسمّ فاعله.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءتين إليّ في ذلك، لكثرة القراءة بذلك، وقلة القراءة بالقراءة الأخرى.وقوله; (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) يقول; إن كنتم تريدون أن تؤمنوا بالله يوما من الأيام، فالآن أحرى الأوقات، أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرسول وإعلامه، ودعائه إياكم إلى ما قد تقرّرت صحته عندكم بالإعلام، والأدلة والميثاق المأخوذ عليكم.
{ وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } أي: وما الذي يمنعكم من الإيمان، والحال أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل وأكرم داع دعا إلى الله يدعوكم، فهذا مما يوجب المبادرة إلى إجابة دعوته، والتلبية والإجابة للحق الذي جاء به، وقد أخذ عليكم العهد والميثاق بالإيمان إن كنتم مؤمنين، ومع ذلك، من لطفه وعنايته بكم، أنه لم يكتف بمجرد دعوة الرسول الذي هو أشرف العالم، بل أيده بالمعجزات، ودلكم على صدق ما جاء به بالآيات البينات .
(الواو) استئنافيّة
(ما) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ
(لكم) متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ
(لا) نافية
(بالله) متعلّق بـ (تؤمنون) ،
(الواو) حاليّة
(اللام) للتعليلـ (تؤمنوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
(بربّكم) متعلّق بـ (تؤمنوا) ،
(الواو) واو الحالـ (قد) حرف تحقيق
(كنتم) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط والمصدر المؤوّلـ (أن تؤمنوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (يدعوكم) جملة: «ما لكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «لا تؤمنون ... » في محلّ نصب حال من الضمير في(لكم) وجملة: «الرسول يدعوكم ... » في محلّ نصب حال من الضمير في(لكم)وجملة: «يدعوكم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الرسول) وجملة: «تؤمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر وجملة: «أخذ ... » في محلّ نصب حال من ربّكم وجملة: «كنتم مؤمنين ... » لا محلّ لها استئنافيّة ... وجواب الشرط محذوف تقديره: فبادروا إلى الإيمان به
- القرآن الكريم - الحديد٥٧ :٨
Al-Hadid57:8