الرسم العثمانيأَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِى حَكَمًا وَهُوَ الَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتٰبَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ ءَاتَيْنٰهُمُ الْكِتٰبَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
الـرسـم الإمـلائـياَفَغَيۡرَ اللّٰهِ اَبۡتَغِىۡ حَكَمًا وَّهُوَ الَّذِىۡۤ اَنۡزَلَ اِلَيۡكُمُ الۡـكِتٰبَ مُفَصَّلاً ؕ وَالَّذِيۡنَ اٰتَيۡنٰهُمُ الۡـكِتٰبَ يَعۡلَمُوۡنَ اَنَّهٗ مُنَزَّلٌ مِّنۡ رَّبِّكَ بِالۡحَـقِّ فَلَا تَكُوۡنَنَّ مِنَ الۡمُمۡتَرِيۡنَ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين; أغير الله إلهي وإلهكم أطلب حَكَمًا بيني وبينكم، وهو سبحانه الذي أنزل إليكم القرآن مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم؟ وبنو إسرائيل الذين آتاهم الله التوراة والإنجيل يعلمون علمًا يقينًا أن هذا القرآن منزل عليك -أيها الرسول- من ربك بالحق، فلا تكونن من الشاكِّين في شيء مما أوحينا إليك.
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين بالله الذين يعبدون غيره "أفغير الله أبتغي حكما" أي بيني وبينكم "وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا" أي مبينا "والذين آتيناهم الكتاب" أي من اليهود والنصارى يعلمون أنه منزل من ربك بالحق أي بما عندهم من البشارات بك من الأنبياء المتقدمين "فلا تكونن من الممترين" كقوله "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين" وهذا شرط والشرط لا يقتضي وقوعه ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا أشك ولا أسأل".
قوله تعالى أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترينقوله تعالى أفغير الله أبتغي حكما " غير " نصب ب " أبتغي " . حكما نصب على البيان ، وإن شئت على الحال . والمعنى ; أفغير الله أطلب لكم حاكما وهو كفاكم مئونة المسألة في الآيات بما أنزله إليكم من الكتاب المفصل ، أي المبين . ثم قيل ; الحكم أبلغ من الحاكم ; إذ لا يستحق التسمية بحكم إلا من يحكم بالحق ، لأنها صفة تعظيم في مدح . والحاكم صفة جارية على الفعل ، فقد يسمى بها من يحكم بغير الحق .والذين آتيناهم الكتاب يريد اليهود والنصارى . وقيل ; من أسلم منهم كسلمان وصهيب وعبد الله بن سلام .يعلمون أنه أي القرآن .منزل من ربك بالحق أي أن كل ما فيه من الوعد والوعيد لحق .فلا تكونن من الممترين أي من الشاكين في أنهم يعلمون أنه منزل من عند الله . وقال عطاء ; الذين آتيناهم الكتاب وهم رؤساء أصحاب محمد عليه السلام ; أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم .
القول في تأويل قوله ; أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل لهؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام, القائلين لك; " كفَّ عن آلهتنا، ونكف عن إلهك "; إن الله قد حكم عليّ بذكر آلهتكم بما يكون صدًّا عن عبادتها=(أفغير الله أبتغي حكمًا)، أي; قل; فليس لي أن أتعدَّى حكمه وأتجاوزه, لأنه لا حَكَم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه (17) =(وهو الذي أنـزل إليكم الكتاب مفصلا) يعني القرآن=" مفصَّلا ", يعني; مبينًا فيه الحكم فيما تختصمون فيه من أمري وأمركم .* * *وقد بينا معنى; " التفصيل "، فيما مضى قبل . (18)القول في تأويل قوله ; وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; إن أنكر هؤلاء العادلون بالله الأوثان من قومك توحيدَ الله, وأشركوا معه الأندادَ, وجحدوا ما أنـزلته إليك, وأنكروا أن يكون حقًا وكذَّبوا به = فالذين آتيناهم الكتاب ، وهو التوراة والإنجيل ، من بني إسرائيل=(يعلمون أنه منـزل من ربّك)، يعني; القرآن وما فيه =(بالحق) يقول; فصلا بين أهل الحق والباطل, يدلُّ على صدق الصادق في علم الله, (19) وكذبِ الكاذب المفتري عليه =(فلا تكونن من الممترين)، يقول; فلا تكونن، يا محمد، من الشاكين في حقيقة الأنباء التي جاءتك من الله في هذا الكتاب، وغيرِ ذلك مما تضمنه، لأن الذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنَّه منـزل من ربك بالحق .* * *وقد بيَّنا فيما مضى ما وجه قوله; (فلا تكونن من الممترين)، بما أغنى عن إعادته، مع الرواية المروية فيه ، (20) وقد;13788- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله; (فلا تكونن من الممترين)، يقول; لا تكونن في شك مما قصَصنا عليك .---------------------الهوامش ;(17) انظر تفسير (( الحكم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) .(18) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف 11 ; 394 .(19) في المطبوعة ; (( الصادق في علم الله )) ، وفي المخطوطة ; (( الصادق علم الله )) ، والصواب ما أثبت .(20) انظر تفسير (( الأمتراء )) فيما سلف 3 ; 190 - 192 / 6 ; 472 ، 473 / 11 ; 260
أي: قل يا أيها الرسول { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا } أحاكم إليه، وأتقيد بأوامره ونواهيه. فإن غير الله محكوم عليه لا حاكم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فإنه مشتمل على النقص، والعيب، والجور، وإنما الذي يجب أن يتخذ حاكما، فهو الله وحده لا شريك له، الذي له الخلق والأمر. { الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا } أي: موضَّحا فيه الحلال والحرام، والأحكام الشرعية، وأصول الدين وفروعه، الذي لا بيان فوق بيانه، ولا برهان أجلى من برهانه، ولا أحسن منه حكما ولا أقوم قيلا، لأن أحكامه مشتملة على الحكمة والرحمة. وأهل الكتب السابقة، من اليهود والنصارى، يعترفون بذلك { ويَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } ولهذا، تواطأت الإخبارات { فَلَا } تشُكَّنَّ في ذلك ولا { تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري
(الفاء) عاطفة
(غير ) مفعول به مقدم منصوب ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(أبتغي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا
(حكما) تمييز منصوب ،
(الواو) حالية
(هو) ضمير منفصل مبتدأ
(الذي) اسم موصول مبني في محلّ رفع خبر
(أنزل) فعل ماض، والفاعل هو (إلى) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (أنزل) ،
(الكتاب) مفعول به منصوبـ (مفصلا) حال منصوبة من الكتابـ (الواو) استئنافية
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ
(آتينا) فعل ماض مبني على السكون ... ونا فاعل و (هم) ضمير مفعول به
(الكتاب) مفعول به ثان منصوبـ (يعلمون) مضارع مرفوع ...والواو فاعلـ (أن) حرف مشبه بالفعل- ناسخ- و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم أن
(منزل) خبر مرفوع
(من رب) جار ومجرور متعلقبـ (منزل) ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(بالحق) جار ومجرور حال من الضمير في منزل أو من رب.
والمصدر المؤولـ (أنّه منزل) في محلّ نصب سد مسد مفعولي يعلمون.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر
(لا) ناهية جازمة
(تكوننّ) مضارع ناقص مبني على الفتح في محلّ جزم و (النون) للتوكيد، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت
(من الممترين) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر تكوننّ .
جملة «أبتغي....» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقدرة هي مقول القول لقول محذوف أي قل لهم: أأميل إلى زخارف الشياطين فأبتغي حكما.
وجملة «هو الذي....» في محلّ نصب حال.
وجملة «أنزل ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة «الذين آتيناهم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آتيناهم الكتاب....» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «يعلمون ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة «لا تكونن من الممترين» جواب شرط مقدر أي إن كان أهل الكتاب يعلمون أنه منزل من الله فلا تكونن ...
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :١١٤
Al-An'am6:114