مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُۥ ۚ وَذٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ
مَنۡ يُّصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَٮِٕذٍ فَقَدۡ رَحِمَهٗؕ وَ ذٰ لِكَ الۡـفَوۡزُ الۡمُبِيۡنُ
تفسير ميسر:
من يصرف الله عنه ذلك العذاب الشديد فقد رحمه، وذلك الصرف هو الظفر البين بالنجاة من العذاب العظيم.
"من يصرف عنه" أي العذاب "يومئذ فقد رحمه" يعني فقد رحمه الله "وذلك هو الفوز المبين" كقوله "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" والفوز حصول الربح ونفي الخسارة.
من يصرف عنه أي العذاب ( يومئذ ) يوم القيامة فقد رحمه أي ; فاز ونجا ورحم .وقرأ الكوفيون " من يصرف " بفتح الياء وكسر الراء ، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد ; لقوله ; قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله ولقوله ; فقد رحمه ولم يقل رحم على المجهول ، ولقراءة أبي " من يصرفه الله عنه " واختار سيبويه القراءة الأولى - قراءة أهل المدينة وأبي عمرو - قال سيبويه ; وكلما قل الإضمار في الكلام كان أولى ; فأما قراءة من قرأ " من يصرف " بفتح الياء فتقديره ; من يصرف الله عنه العذاب ، وإذا قرئ ( من يصرف عنه ) فتقديره ; من يصرف عنه العذاب . وذلك الفوز المبين أي النجاة البينة .
القول في تأويل قوله ; مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)قال أبو جعفر; اختلف القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والبصرة; مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ ، بضم " الياء " وفتح " الراء ", بمعنى; من يُصرف عنه العذاب يومئذ .* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة; (مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ) ، بفتح " الياء " وكسر " الراء ", بمعنى; من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.* * *وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي, قراءة من قرأه; (يَصْرِفْ عَنْهُ)، بفتح " الياء " وكسر " الراء ", لدلالة قوله; " فقد رحمه " على صحة ذلك, وأنّ القراءة فيه بتسمية فاعله. ولو كانت القراءة في قوله; " من يصرف " ، على وجه ما لم يسمَّ فاعله, كان الوجه في قوله; " فقد رحمه " أن يقال ; " فقد رُحِم " غير مسمى فاعله. وفي تسمية الفاعل في قوله; " فقد رحمه " ، دليل بيِّن على أن ذلك كذلك في قوله; " من يَصرف عنه ".* * *وإذا كان ذلك هو الوجه الأولَى بالقراءة, فتأويل الكلام; منْ يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه =" وذلك هو الفوز المبين " ، ويعني بقوله; " وذلك " ، وصرفُ الله عنه العذاب يوم القيامة, ورحمته إياه =" الفوز " ، أي; النجاة من الهلكة، والظفر بالطلبة (36) =" المبين " ، يعني الذي بيَّن لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطَّلِبة. (37)وبنحو الذي قلنا في قوله; " من يصرف عنه يومئذ " قال أهل التأويل;* ذكر من قال ذلك;13115 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله " من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه " ، قال; من يصرف عنه العذاب .------------------الهوامش ;(36) انظر تفسير"الفوز" فيما سلف ص; 245 ، تعليق; 2 ، والمراجع هناك.(37) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ص; 265 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك.
{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } فإن المعصية في الشرك توجب الخلود في النار، وسخطَ الجبار. وذلك اليوم هو اليوم الذي يُخاف عذابه، ويُحذر عقابه؛ لأنه مَن صُرف عنه العذاب يومئذ فهو المرحوم، ومن نجا فيه فهو الفائز حقا، كما أن من لم ينج منه فهو الهالك الشقي.
(من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ
(يصرف) مضارع مبني للمجهول مجزوم فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على العذاب في الآية السابقة
(عن) حرف جر و (الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (يصرف) ،
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلق بـ (يصرف) ،
(إذ) اسم ظرفي مبني في محلّ جر مضاف إليه، والتنوين عوض من جملة محذوفة
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(قد) حرف تحقيق
(رحمه) فعل ماض ومفعوله، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله
(الواو) عاطفة
(ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ... و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (الفوز) خبر المبتدأ مرفوع
(المبين) نعت للفوز مرفوع.
جملة «من يصرف....» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يصرف....» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «قد رحمه» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «ذلك الفوز....» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.