الرسم العثمانيقُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمٰتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُۥ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجٰىنَا مِنْ هٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّٰكِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ مَنۡ يُّنَجِّيۡكُمۡ مِّنۡ ظُلُمٰتِ الۡبَرِّ وَالۡبَحۡرِ تَدۡعُوۡنَهٗ تَضَرُّعًا وَّخُفۡيَةً ۚ لَٮِٕنۡ اَنۡجٰٮنَا مِنۡ هٰذِهٖ لَـنَكُوۡنَنَّ مِنَ الشّٰكِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين; من ينقذكم من مخاوف ظلمات البر والبحر؟ أليس هو الله تعالى الذي تدعونه في الشدائد متذللين جهرًا وسرًّا؟ تقولون; لئن أنجانا ربنا من هذه المخاوف لنكونن من الشاكرين بعبادته عز وجل وحده لا شريك له.
يقول تعالى ممتنا على عباده في إنجائه المضطرين منهم من ظلمات البر والبحر أي الحائرين الواقعين في المهامة البرية وفي اللجج البحرية إذا هاجت الرياح العاصفة فحينئذ يفردون الدعاء له وحده لا شريك له كقوله "وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه" الآية. وقوله "هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" الآية. وقوله "أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون" وقال في هذه الآية الكريمة "قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية" أي جهرا وسرا "لئن أنجانا" أي من هذه الضائقة "لنكونن من الشاكرين" أي بعدها.
قوله تعالى قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرينقوله تعالى قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر أي شدائدهما ; يقال ; يوم مظلم أي شديد . قال النحاس ; والعرب تقول ; يوم مظلم إذا كان شديدا ، فإن عظمت ذلك قالت ; يوم ذو كواكب ; وأنشد سيبويه ;بني أسد هل تعلمون بلاءنا إذا كان يوم ذو كواكب أشنعاوجمع الظلمات على أنه يعني ظلمة البر وظلمة البحر وظلمة الليل وظلمة الغيم ، أي إذا أخطأتم الطريق وخفتم الهلاك دعوتموهلئن أنجانا من هذه أي من هذه الشدائدلنكونن من الشاكرين أي من الطائعين . فوبخهم الله في دعائهم إياه عند الشدائد ، وهم يدعون معه في حالة الرخاء غيره بقوله ; ثم أنتم تشركون . وقرأ الأعمش " وخيفة " من [ ص; 10 ] الخوف ، وقرأ أبو بكر عن عاصم " خفية " بكسر الخاء ، والباقون بضمها ، لغتان . وزاد الفراء خفوة وخفوة . قال ; ونظيره حبية وحبية وحبوة وحبوة . وقراءة الأعمش بعيدة ; لأن معنى تضرعا ; أن تظهروا التذلل ، وخفية أن تبطنوا مثل ذلك . وقرأ الكوفيون لئن أنجانا واتساق المعنى بالتاء ; كما قرأ أهل المدينة وأهل الشام .
القول في تأويل قوله ; قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم; قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم، الداعين إلى عبادة أوثانهم; من الذين ينجيكم =" من ظلمات البر "، إذا ضللتم فيه فتحيَّرتم، فأظلم عليكم الهدى والمحجة = ومن ظلمات البحر إذا ركبتموه، فأخطأتم فيه المحجة، فأظلم عليكم فيه السبيل، فلا تهتدون له = غير الله الذي إليه مفزعكم حينئذ بالدعاء (24) =" تضرعًا "، منكم إليه واستكانة جهرًا (25) =" وخفية "، يقول; وإخفاء للدعاء أحيانًا, وإعلانًا وإظهارًا تقولون; لئن أنجيتنا من هذه يا رب (26) = أي من هذه الظلمات التي نحن فيها =" لنكونن من الشاكرين "، يقول; لنكونن ممن يوحدك بالشكر، ويخلص لك العبادة، دون من كنا نشركه معك في عبادتك.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .* ذكر من قال ذلك;13342 - حدثني محمد بن سعيد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعًا وخفية "، يقول; إذا أضل الرجل الطريق، دعا الله; " لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ". (27)13343 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر " ، يقول; من كرْب البر والبحر.-----------------الهوامش ;(24) في المطبوعة; "الذي مفزعكم" ، والصواب من المخطوطة.(25) انظر تفسير"التضرع" فيما سلف ص; 355.(26) في المطبوعة والمخطوطة ، كان نص الآية {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذِهِ} وهي قراءة باقي السبعة ، وقراءتنا المثبتة في مصحفنا هي قراءة الكوفيين. وقد جرى أبو جعفر في تفسيره على قراءة عامة الناس ، ولم يشر إلى قراءتنا ، وجرى على ذلك في تفسيره الآية. وقال القرطبي; قرأ الكوفيون"لئن أنجانا" ، واتساق المعنى بالتاء ، كما قرأ أهل المدينة والشام.وانظر معاني القرآن للفراء 1; 338. وظني أن أبا جعفر قد اختصر التفسير في هذا الموضع اختصارًا شديدًا ، فترك كثيرًا كان يظن به أن يقوله.(27) تركت الخبر على قراءة الناس لا قراءتنا في مصحفنا.
أي { قُلْ } للمشركين بالله، الداعين معه آلهة أخرى، ملزما لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، على ما أنكروا من توحيد الإلهية { مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } أي: شدائدهما ومشقاتهما، وحين يتعذر أو يتعسر عليكم وجه الحيلة، فتدْعون ربكم تضرعا بقلب خاضع، ولسان لا يزال يلهج بحاجته في الدعاء، وتقولون وأنتم في تلك الحال: { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } الشدة التي وقعنا فيها { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لله، أي المعترفين بنعمته، الواضعين لها في طاعة ربهم، الذين حفظوها عن أن يبذلوها في معصيته.
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(ينجي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من ظلمات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ينجيكم) ،
(البرّ) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(البحر) معطوف على البر مجرور
(تدعون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به
(تضرّعا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو نوعه ،
(خفية) معطوف على
(تضرّعا) بالواو منصوبـ (اللام) موطّئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(أنجى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف في محلّ جزم فعل الشرط و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) حرف جرّ
(ها) حرف تنبيه
(ذه) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنجانا) ،
(اللام) لام القسم
(نكوننّ) مضارع ناقص مبنيّ على الفتح في محلّ رفع ... والنون للتوكيد، واسمه ضمير مستتر تقديره نحن
(من الشاكرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر نكوننّ، وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «من ينجيكم؟» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «ينجيكم....» : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «تدعونه» : في محلّ نصب حال من ضمير النصب في(ينجيكم) .
وجملة «إن أنجانا....» : لا محلّ لها تفسيريّة .
وجملة «نكوننّ....» : لا محلّ لها جواب القسم ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
(64
(قل) مثل الأولـ (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(ينجيكم) مثل الأولـ (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (ينجيكم) ،
(الواو) عاطفة
(من كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بما تعلّق به
(منها) فهو معطوف عليه
(كرب) مضاف إليه مجرور
(ثمّ) حرف عطف
(أنتم) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع
(تشركون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
وجملة «قل....» : لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «الله ينجيكم» : في محلّ نصب مقول القول.وجملة «ينجيكم» : في محلّ رفع خبر المبتدأ «الله» .
وجملة «أنتم تشركون» : في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «تشركون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أنتم) .
(65)
(قل) مثل الأولـ (هو القادر) مبتدأ وخبر مرفوعان
(على) حرف جرّ
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يبعث) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
والمصدر المؤوّلـ (أن يبعث) في محلّ جرّ بحرف الجرّ متعلّق باسم الفاعلـ (القادر) .
(على) مثل الأول و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يبعث) ،
(عذابا) مفعول به منصوبـ (من فوق) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لـ (عذابا) «1» ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(أو) حرف عطف
(من تحت) جارّ ومجرور متعلّق بما تعلّق به
(من فوقكم) فهو معطوف عليه
(أرجل) مضاف إليه مجرور و (كم) ضمير مضاف إليه
(أو) حرف عطف
(يلبس) مضارع منصوب معطوف على
(يبعث) ، و (كم) ضمير في محلّ نصب مفعول به، والفاعل هو (شيعا) حال منصوبة من الضمير المنصوب ،
(الواو) عاطفة
(يذيق) مثل يبعث ومعطوف عليه
(بعض) مفعول به منصوب و (كم) مضاف إليه
(بأس) مفعول به ثان منصوب(بعض) مضاف إليه مجرور
(انظر) فعل أمر، والفعل ضمير مستتر تقديره أنت
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال عامله
(نصرّف) وهو مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم
(الآيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ
(يفقهون) مضارع مثل تشركون.
وجملة «قل....» : لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «هو القادر» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «يبعث» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة «يلبسكم....» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «يذيق....» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «انظر....» : لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «نصرّف» : في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام.
وجملة «لعلّهم يفقهون» : لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة.
وجملة «يفقهون» : في محلّ رفع خبر لعلّ.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٦٣
Al-An'am6:63