الرسم العثمانيثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ ارۡجِعِ الۡبَصَرَ كَرَّتَيۡنِ يَنۡقَلِبۡ اِلَيۡكَ الۡبَصَرُ خَاسِئًا وَّهُوَ حَسِيۡرٌ
تفسير ميسر:
ثم أعد النظر مرة بعد مرة، يرجع إليك البصر ذليلا صاغرًا عن أن يرى نقصًا، وهو متعب كليل.
وقوله تعالى "ثم ارجع البصر كرتين" قال قتاده مرتين "ينقلب إليك البصر خاسئا" قال ابن عباس ذليلا وقال مجاهد وقتادة صاغرا "وهو حسير" قال ابن عباس يعني وهو كليل وقال مجاهد وقتادة والسدي; الحسير المنقطع من الأعياء ومعنى الآية إنك لو كررت البصر مهما كررت لانقلب إليك أي لرجع إليك البصر "خاسئا" عن أن يرى عيبا أو خللا "وهو حسير" أي كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر ولا يرى نقصا.
قوله تعالى ; ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسيرقوله تعالى ; ثم ارجع البصر كرتين كرتين في موضع المصدر ; لأن معناه رجعتين ، أي مرة بعد أخرى . وإنما أمر بالنظر مرتين لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة لا يرى [ ص; 194 ] عيبه ما لم ينظر إليه مرة أخرى . فأخبر تعالى أنه وإن نظر في السماء مرتين لا يرى فيها عيبا بل يتحير بالنظر إليها ; فذلك قوله تعالى ; ينقلب إليك البصر خاسئا أي خاشعا صاغرا متباعدا عن أن يرى شيئا من ذلك . يقال ; خسأت الكلب أي أبعدته وطردته . وخسأ الكلب بنفسه ، يتعدى ولا يتعدى . وانخسأ الكلب أيضا . وخسأ بصره خسأ وخسوءا أي سدر ، ومنه قوله تعالى ;ينقلب إليك البصر خاسئا وقال ابن عباس ; الخاسئ الذي لم ير ما يهوى .وهو حسير أي قد بلغ الغاية في الإعياء . فهو بمعنى فاعل ; من الحسور الذي هو الإعياء . ويجوز أن يكون مفعولا من حسره بعد الشيء ، وهو معنى قول ابن عباس . ومنه قول الشاعر ;من مد طرفا إلى ما فوق غايته ارتد خسآن منه الطرف قد حسرايقال ; قد حسر بصره يحسر حسورا ، أي كل وانقطع نظره من طول مدى وما أشبه ذلك ، فهو حسير ومحسور أيضا . قال ;نظرت إليها بالمحصب من منى فعاد إلي الطرف وهو حسيروقال آخر يصف ناقة هو قيس بن خويلد ;إن العسير بها داء يخامرها فشطرها نظر العينين محسورنصب " شطرها " على الظرف ، أي نحوها . وقال آخر ;والخيل شعث ما تزال جيادها حسرى تغادر بالطريق سخالهاوقيل ; إنه النادم . ومنه قول الشاعر ;ما أنا اليوم على شيء خلا يا ابنة القين تولى بحسرالمراد ب " كرتين " هاهنا التكثير . والدليل على ذلك ; ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير وذلك دليل على كثرة النظر .
وقوله; ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) يقول جل ثناؤه; ثم ردّ البصر يا ابن آدم كرّتين، مرة بعد أخرى، فانظر ( هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ) أو تفاوت ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ) يقول; يرجع إليك بصرك صاغرًا مُبْعَدا من قولهم للكلب; اخسأ، إذا طردوه أي أبعد صاغرا( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول; وهو مُعْيٍ كالّ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) يقول; هل ترى في السماء من خَلل؟( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) بسواد الليل.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول; ذليلا وقوله; ( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول; مرجف.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا ) أي حاسرا( وَهُوَ حَسِيرٌ ) أي مُعْيٍحدثني ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( خَاسِئًا ) قال; صاغرا، ( وَهُوَ حَسِيرٌ ) يقول; مُعْيٍ لم ير خَلَلا ولا تفاوتا.وقال بعضهم; الخاسئ والحسير واحد.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( فَارْجِعِ &; 23-508 &; الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ )... الآية، قال; الخاسئ، والخاسر واحد؛ حَسَر طرفه أن يَرى فيها فَطْرًا فرجع وهو حسير قبل أن يرى فيها فَطْرا؛ قال; فإذا جاء يوم القيامة انفطرت ثم انشقت، ثم جاء أمر أكبر من ذلك انكشطت.القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)
{ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ } المراد بذلك: كثرة التكرار { يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ } أي: عاجزًا عن أن يرى خللًا أو فطورًا، ولو حرص غاية الحرص. ثم صرح بذكر حسنها فقال:
(ثمّ) حرف عطف
(كرّتين) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو عدده
(ينقلب) مضارع مجزوم فهو جواب الأمر
(إليك) متعلّق بـ (ينقلب) ،
(خاسئا) حال منصوبة من البصر
(الواو) حالية.. وجملة: «ارجع البصر ... » معطوفة على جملة ارجع البصر
(الأولى) . وجملة: «ينقلب إليك البصر ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء. وجملة: «هو حسير ... » في محلّ نصب حال من البصر أو من الضمير في(خاسئا) ، فهي حينئذ متداخلة مع الحال الأولى.
- القرآن الكريم - الملك٦٧ :٤
Al-Mulk67:4