الرسم العثمانيفِىٓ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ
الـرسـم الإمـلائـيفِىۡۤ اَىِّ صُوۡرَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَؕ
تفسير ميسر:
يا أيها الإنسان المنكر للبعث، ما الذي جعلك تغتَرُّ بربك الجواد كثير الخير الحقيق بالشكر والطاعة، أليس هو الذي خلقك فسوَّى خلقك فعَدَلك، وركَّبك لأداء وظائفك، في أيِّ صورة شاءها خلقك؟
قال مجاهد في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم. وقال ابن جرير حدثني محمد بن سنان الفزاري حدثنا مطهر بن الهيثم حدثنا موسى بن علي بن رباح حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له "وما ولد لك" قال يا رسول الله ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية قال "فمن يشبه" قال يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندها "مه لا تقولن هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى "في أي صورة ما شاء ركبك"؟ قال شكلك. وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية ولكن إسناده ليس بالثابت لأن مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس كان متروك الحديث وقال ابن حبان; يروى عن موسى بن علي وغيره مالا يشبه حديث الإثبات ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود قال "هل لك من إبل؟" قال نعم قال "فما ألوانها؟" قال حمر قال "فهل فيها من أورق" قال نعم قال "فأنى أتاها ذلك؟" قال عسى أن يكون نزعه عرق" قال "هذا عسى أن يكون نزعة عرق وقد قال عكرمة في قوله تعالى "في أي صورة ما شاء ركبك" إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير وكذا قال أبو صالح في أي صورة ما شاء ركبك إن شاء فى صورة كلب وإن شاء في صورة حمار وإن شاء في صورة خنزير وقال قتادة في أي صورة ما شاء ركبك قال قادر والله ربنا على ذلك ومعني هذا القول عند هؤلاء أن الله عز وجل قادر على خلق النطفة على شكل قبيح من الحيوانات المنكرة الخلق ولكن بقدرته ولطفه وحلمه يخلقه على شكل حسن مستقيم معتدل تام حسن المنظر والهيئة.
أما قرأت هذه الآية في أي صورة ما شاء ركبك فيما بينك وبين آدم ، وقال عكرمة وأبو صالح ; في أي صورة ما شاء ركبك إن شاء في صورة إنسان ، وإن شاء في صورة حمار ، وإن شاء في صورة قرد ، وإن شاء في صورة خنزير . وقال مكحول ; إن شاء ذكرا ، وإن شاء أنثى . قال مجاهد ; في أي صورة أي في أي شبه من أب أو أم أو عم أو خال أو غيرهم . و " في " متعلقة ب ركبك ، ولا تتعلق ب عدلك ، على قراءة من خفف ; لأنك تقول عدلت إلى كذا ، ولا تقول عدلت في كذا ; ولذلك منع الفراء التخفيف ; لأنه قدر ( في ) متعلقة ب عدلك ، و ( ما ) يجوز أن تكون صلة مؤكدة ; أي في أي صورة شاء ركبك . ويجوز أن تكون شرطية أي إن شاء ركبك في غير صورة الإنسان من صورة قرد أو حمار أو خنزير ، ف " ما " بمعنى الشرط والجزاء ; أي في صورة ما شاء يركبك ركبك .
وقوله; ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ ) يقول; الذي خلقك أيها الإنسان فسوّى خلقك ( فَعَدَلَكَ ) واختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرَّاء المدينة ومكة والشام والبصرة ( فعدّلك ) بتشديد الدال، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بتخفيفها، وكأن من قرأ ذلك بالتشديد وجَّه معنى الكلام إلى أنه جعلك معتدلا معدّل الخلق مقوَّما، وكأن الذين قرءوه بالتخفيف، وجَّهوا معنى الكلام إلى صرفك وأمالك إلى أيّ صورة شاء، إما إلى صورة حسنة، وإما إلى صورة قبيحة، أو إلى صورة بعض قراباته.وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال; إنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن أعجبهما إليّ أن أقرأ به قراءة من قَرَأ ذلك بالتشديد، لأن دخول " في" للتعديل أحسن في العربية من دخولها للعدل، ألا ترى أنك تقول; عدّلتك في كذا، وصرفتك إليه، ولا تكاد تقول; عدلتك &; 24-270 &; إلى كذا وصرفتك فيه، فلذلك اخترت التشديد.وبنحو الذي قلنا في ذلك وذكرنا أن قارئي ذلك تأوّلوه، جاءت الرواية عن أهل التأويل أنهم قالوه.ذكر الرواية بذلك;
إن هذا إلا من جهلك وظلمك وعنادك وغشمك، فاحمد الله أن لم يجعل صورتك صورة كلب أو حمار، أو نحوهما من الحيوانات؛ فلهذا قال تعالى: { فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ }
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الإنفطار٨٢ :٨
Al-Infitar82:8