الرسم العثمانيوَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَا يُنۡفِقُوۡنَ نَفَقَةً صَغِيۡرَةً وَّلَا كَبِيۡرَةً وَّلَا يَقۡطَعُوۡنَ وَادِيًا اِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ اللّٰهُ اَحۡسَنَ مَا كَانُوۡا يَعۡمَلُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة في سبيل الله، ولا يقطعون واديًا في سيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده، إلا كُتِب لهم أجر عملهم؛ ليجزيهم الله أحسن ما يُجْزَون به على أعمالهم الصالحة.
يقول تعالى; ولا ينفق هؤلاء الغزاة في سبيل الله " نفقة صغيرة ولا كبيرة " أي قليلا ولا كثيرا " ولا يقطعون واديا " أي في السير إلى الأعداء " إلا كتب لهم " ولم يقل ههنا به لأن هذه أفعال صادرة عنهم ولهذا قال " ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون " وقد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه من هذه الآية الكريمة حظ وافر ونصيب عظيم وذلك أنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة والأموال الجزيلة كما قال عبدالله بن الإمام أحمد; حدثنا أبو موسى الغنوي حدثنا عبدالصمد بن عبدالوارث حدثني سليمان بن المغيرة حدثني الوليد بن أبي هاشم عن فرقد بن أبي طلحة عن عبدالرحمن بن حباب السلمي قال; خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان رضي الله عنه عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها قال; ثم حث فقال عثمان عليَّ مائه بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال عثمان بن عفان علىَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها. قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بيده هكذا يحركها. وأخرج عبدالصمد يده كالمتعجب " ما على عثمان ما عمل بعد هذا " وقال عبدالله أيضا حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة حدثنا عبدالله بن شوذب عن عبدالله بن القاسم عن كثير مولى عبدالرحمن بن سمرة عن عبدالرحمن بن سمرة قال; جاء عثمان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حتى جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقلبها بيده ويقول " ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم " يرددها مرارا وقال قتادة في قوله تعالى " ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم " الآية ما ازداد قوم في سبيل الله بعدا من أهليهم إلا ازدادوا قربا من الله.
روى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه . قالوا ; يا رسول الله ، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة . ؟ قال ; حبسهم العذر . خرجه مسلم من حديث جابر قال ; كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال ; إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا [ ص; 209 ] قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض . فأعطى صلى الله عليه وسلم للمعذور من الأجر مثل ما أعطى للقوي العامل . وقد قال بعض الناس ; إنما يكون الأجر للمعذور غير مضاعف ، ويضاعف للعامل المباشر . قال ابن العربي ; وهذا تحكم على الله تعالى وتضييق لسعة رحمته ، وقد عاب بعض الناس فقال ; إنهم يعطون الثواب مضاعفا قطعا ، ونحن لا نقطع بالتضعيف في موضع فإنه مبني على مقدار النيات ، وهذا أمر مغيب ، والذي يقطع به أن هناك تضعيفا وربك أعلم بمن يستحقه .قلت ; الظاهر من الأحاديث والآي المساواة في الأجر ; منها قوله عليه السلام ; من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقوله ; من توضأ وخرج إلى الصلاة فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها . وهو ظاهر قوله تعالى ; ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وبدليل أن النية الصادقة هي أصل الأعمال ، فإذا صحت في فعل طاعة فعجز عنها صاحبها لمانع منع منها فلا بعد في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر الفاعل ويزيد عليه ; لقوله عليه السلام ; نية المؤمن خير من عمله . والله أعلم .
القول في تأويل قوله ; وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ , وسائر ما ذكر = وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا =(ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة)، في سبيل الله (67) =(ولا يقطعون)، مع رسول الله في غزوه =(واديًا) إلا كتب لهم أجر عملهم ذلك, جزاءً لهم عليه، كأحسن ما يجزيهم على أحسن أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم مقيمون في منازلهم، كما;-17465- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; (ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة) ، الآية, قال; ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بُعْدًا إلا ازدادوا من الله قربًا.---------------------------الهوامش ;(67) لم يكن في المخطوطة ولا المطبوعة ; " ولا كبيرة " ، وزدتها لأنها حق الكلام .
{وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} في ذهابهم إلى عدوهم {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ومن ذلك هذه الأعمال، إذا أخلصوا فيها للّه، ونصحوا فيها، ففي هذه الآيات أشد ترغيب وتشويق للنفوس إلى الخروج إلى الجهاد في سبيل اللّه، والاحتساب لما يصيبهم فيه من المشقات، وأن ذلك لهم رفعة درجات، وأن الآثار المترتبة على عمل العبد له فيها أجر كبير
(الواو) عاطفة
(لا) نافية
(ينفقون نفقة) مثل يطؤون موطئا ،
(صغيرة) نعت لنفقة منصوب،
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(كبيرة) معطوف على صغيرة منصوبـ (الواو) عاطفة
(لا يقطعون واديا) مثل لا يطؤون موطئا ،
(إلّا) أداة حصر
(كتب لهم) مثل المتقدّمة ، وتقدير نائب الفاعل العمل الدال على النفقة وقطع الوادي
(اللام) لام التعليلـ (يجزي) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام و (هم) ضمير متّصل مفعول به
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(أحسن) مفعول به ثان منصوبـ (ما) حرف مصدريّ ،
(كانوا) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان
(يعملون) مثل يطؤون .
والمصدر المؤوّلـ (أن يجزيهم) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (كتب) .
والمصدر المؤوّلـ (ما كانوا) في محلّ جرّ مضاف إليه.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :١٢١
At-Taubah9:121