الرسم العثمانيثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنۢ بَعْدِ ذٰلِكَ عَلٰى مَن يَشَآءُ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ يَتُوۡبُ اللّٰهُ مِنۡۢ بَعۡدِ ذٰ لِكَ عَلٰى مَنۡ يَّشَآءُ ؕ وَاللّٰهُ غَفُوۡرٌ رَّحِيۡمٌ
تفسير ميسر:
ومن رجع عن كفره بعد ذلك ودخل الإسلام فإن الله يقبل توبة مَن يشاء منهم، فيغفر ذنبه. والله غفور رحيم.
وقوله " ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم " قد تاب الله على بقية هوازن فأسلموا وقدموا عليه مسلمين ولحقوه وقد قارب مكة عند الجعرانة وذلك بعد الوقعة بقريب من عشرين يوما فعند ذلك خيرهم بين سبيهم وبين أموالهم فاختاروا سبيهم وكانوا ستة آلاف أسير ما بين صبي وامرأة فرده عليهم وقسم الأموال بين الغانمين ونفل أناسا من الطلقاء ليتألف قلوبهم على الإسلام فأعطاهم مائة من الإبل وكان من جملة من أعطى ماله مالك بن عوف النضري واستعمله على قومه كما كان فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها; ما إن رأيت ولاسمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى ومتى يشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عردت أنيابها بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله وسط المباءة خادر في مرصد
ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاءأي على من انهزم فيهديه إلى الإسلام . كمالك بن عوف النصري رئيس حنين ومن أسلم معه من قومه .الثامنة ; ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة ، أتاه وفد هوازن مسلمين راغبين في العطف عليهم والإحسان إليهم ، وقالوا ; يا رسول الله ، إنك خير الناس وأبر الناس ، وقد أخذت أبناءنا ونساءنا وأموالنا . فقال لهم ; إني قد كنت استأنيت بكم وقد وقعت المقاسم وعندي من ترون وإن خير القول أصدقه فاختاروا إما ذراريكم وإما أموالكم . فقالوا ; لا نعدل بالأنساب شيئا . فقام خطيبا وقال ; هؤلاء جاءونا مسلمين وقد خيرناهم فلم يعدلوا بالأنساب فرضوا برد الذرية وما كان لي ولبني عبد المطلب وبني هاشم فهو لهم . وقال المهاجرون والأنصار ; أما ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن في قومهما من أن يردوا عليهم شيئا مما وقع لهم في سهامهم . وامتنع العباس بن مرداس السلمي كذلك ، وطمع أن يساعده قومه كما ساعد الأقرع وعيينة قومهما . فأبت بنو سليم وقالوا ; بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; من ضن منكم بما في يديه فإنا نعوضه منه . [ ص; 38 ] فرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وأولادهم ، وعوض من لم تطب نفسه بترك نصيبه أعواضا رضوا بها . وقال قتادة ; ذكر لنا أن ظئر النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته من بني سعد أتته يوم حنين فسألته سبايا حنين فقال صلى الله عليه وسلم ; إني لا أملك إلا ما يصيبني منهم ولكن ايتيني غدا فاسأليني والناس عندي فإذا أعطيتك حصتي أعطاك الناس . فجاءت الغد فبسط لها ثوبه فأقعدها عليه . ثم سألته فأعطاها نصيبه فلما رأى ذلك الناس أعطوها أنصباءهم . وكان عدد سبي هوازن في قول سعيد بن المسيب ستة آلاف رأس . وقيل ; أربعة آلاف . قال أبو عمر ; فيهن الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، وهي بنت الحارث بن عبد العزى من بني سعد بن بكر وبنت حليمة السعدية ، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها وأحسن إليها ، ورجعت مسرورة إلى بلادها بدينها وبما أفاء الله عليها . قال ابن عباس ; رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس امرأة تعدو وتصيح ولا تستقر ، فسأل عنها فقيل ; فقدت بنيا لها . ثم رآها وقد وجدت ابنها وهي تقبله وتدنيه ، فدعاها وقال لأصحابه ; أطارحة هذه ولدها في النار ؟ قالوا ; لا . قال ; لم ؟ قالوا ; لشفقتها . قال ; الله أرحم بكم منها . وخرجه مسلم بمعناه والحمد لله .
القول في تأويل قوله ; ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ثم يتفضل الله بتوفيقه للتوبة والإنابة إليه، من بعد عذابه الذي به عذَّب من هلك منهم قتلا بالسيف =(على من يشاء)، أي يتوب الله على من يشاء من الأحياء، يُقْبِل به إلى طاعته =(والله غفور)، لذنوب من أناب وتاب إليه منهم ومن غيرهم منها =(رحيم)، بهم، فلا يعذبهم بعد توبتهم, ولا يؤاخذهم بها بعد إنابتهم. (1)----------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " التوبة " ، و " غفور " و " رحيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( توب ) ، ( غفر ) ، ( رحم ) .
{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} فتاب اللّه على كثير ممن كانت الوقعة عليهم، وأتوا إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسلمين تائبين، فرد عليهم نساءهم، وأولادهم. {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: ذو مغفرة واسعة، ورحمة عامة، يعفو عن الذنوب العظيمة للتائبين، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة والطاعة، والصفح عن جرائمهم، وقبول توباتهم، فلا ييأسنَّ أحد من مغفرته ورحمته، ولو فعل من الذنوب والإجرام ما فعل.
(ثم) حرف للاستئناف ،
(يتوب) مضارع مرفوع
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يتوب) ،
(ذلك) مثل السابق مضاف إليه في محلّ جرّ
(على) حرف جرّ
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (يتوب) ،
(يشاء) مثل يتوب والفاعل هو،
(الواو) استئنافيّة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(غفور) خبر مرفوع
(رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «يتوب الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يشاء» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «الله غفور..» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :٢٧
At-Taubah9:27