الرسم العثمانيهُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ ۚ وَرُدُّوٓا إِلَى اللَّهِ مَوْلٰىهُمُ الْحَقِّ ۖ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيهُنَالِكَ تَبۡلُوۡا كُلُّ نَفۡسٍ مَّاۤ اَسۡلَفَتۡ وَرُدُّوۡۤا اِلَى اللّٰهِ مَوۡلٰٮهُمُ الۡحَـقِّ وَضَلَّ عَنۡهُمۡ مَّا كَانُوۡا يَفۡتَرُوۡنَ
تفسير ميسر:
في ذلك الموقف للحساب تتفقد كل نفس أحوالها وأعمالها التي سلفت وتعاينها، وتجازى بحسبها; إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ورُدَّ الجميع إلى الله الحكم العدل، فأُدخِلَ أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النار النار، وذهب عن المشركين ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه.
أي في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير وشر كقوله تعالى "يوم تبلى السرائر" وقال تعالى "ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر" وقال تعالى "ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" وقد قرأ بعضهم "هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت" وفسرها بعضهم بالقراءة وفسرها بعضهم بمعنى تتبع ما قدمت من خير وشر وفسرها بعضهم بحديث " لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت..." الحديث وقوله "وردوا إلى الله مولاهم الحق" أي ورجعت الأمور كلها إلى الله الحكم العدل ففصلها وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار "وضل عنهم" أي ذهب عن المشركين "ما كانوا يفترون" أي ما كانوا يعبدون من دون الله افتراء عليه.
قوله تعالى هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترونقوله تعالى هنالك في موضع نصب على الظرف تبلو أي في ذلك الوقت . تبلو أي تذوق . وقال الكلبي ; تعلم . مجاهد ; تختبر .كل نفس ما أسلفت أي جزاء ما عملت وقدمت . وقيل ; تسلم ، أي تسلم ما عليها من الحقوق إلى أربابها بغير اختيارها . وقرأ حمزة والكسائي " تتلو " أي تقرأ كل نفس كتابها الذي كتب عليها . وقيل ; " تتلو " تتبع ; أي تتبع كل نفس ما قدمت في الدنيا ; قاله السدي . ومنه قول الشاعر ;إن المريب يتبع المريبا كما رأيت الذيب يتلو الذيباقوله تعالى وردوا إلى الله مولاهم الحق بالخفض على البدل أو الصفة . ويجوز نصب الحق من ثلاث جهات ; يكون التقدير ; وردوا حقا ، ثم جيء بالألف واللام . ويجوز أن يكون التقدير ; مولاهم حقا لا ما يعبدون من دونه . والوجه الثالث أن يكون مدحا ; أي أعني الحق . ويجوز أن يرفع " الحق " ، ويكون المعنى مولاهم الحق - على الابتداء والخبر والقطع مما قبل - لا ما يشركون من دونه . ووصف نفسه سبحانه بالحق لأن الحق منه ، كما وصف نفسه بالعدل لأن العدل منه ; أي كل عدل وحق فمن قبله ، وقال ابن عباس ; مولاهم الحق أي الذي يجازيهم بالحق . فإن قيل ; كيف قال ; [ ص; 247 ] وردوا إلى الله مولاهم الحق وقد أخبر بأن الكافرين لا مولى لهم . قيل ليس بمولاهم في النصرة والمعونة ، وهو مولى لهم في الرزق وإدرار النعم .
القول في تأويل قوله تعالى ; هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)قال أبو جعفر ; اختلفت القراء في قراءة قوله; ( هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ ) ، بالباء، بمعنى; عند ذلك تختبر كلّ نفس ما قدمت من خيرٍ أو شٍّر. (43)وكان ممن يقرؤه ويتأوّله كذلك ، مجاهدٌ.17654- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت) ، قال; تختبر.17655- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.17656- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.* * *وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة وبعض أهل الحجاز; ( تَتْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ) ، بالتاء. (44)* * *واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله.فقال بعضهم; معناه وتأويله; هنالك تتبع كل نفس ما قدَّمت في الدنيا لذلك اليوم. (45)وروي بنحو ذلك خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من وجْه وسَنَدٍ غير مرتضى أنه قال; يَمْثُل لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون الله يوم القيامة، فيتَّبعونهم حتى يوردوهم النار. قال; ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية; (هنالك تتلو كل نفس ما أسلفت) . (46)* * *وقال بعضهم; بل معناه; يتلو كتاب حسناته وسيئاته. يعني يقرأ، كما قال جل ثناؤه; وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ، [سورة الإسراء; 13].* * *وقال آخرون; " تَتْلو " تعاين. (47)*ذكر من قال ذلك;17657- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال; قال ابن زيد في قوله; (هنالك تَتْلو كل نفس ما أسلفت) ، قال; ما عملت. تتلو; تعاينه.* * *قال أبو جعفر; والصواب من القول في ذلك أن يقال; إنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء، وهما متقاربتا المعنى. وذلك أن من تبع في الآخرة ما أسلفَ من العمل في الدنيا، هجم به على مَوْرده، فيخبر هنالك ما أسلفَ من صالح أو سيئ في الدنيا، وإنّ مَنْ خَبَر من أسلف في الدنيا من أعماله في الآخرة، فإنما يخبرُ بعد مصيره إلى حيث أحلَّه ما قدم في الدنيا من علمه، فهو في كلتا الحالتين مُتَّبع ما أسلف من عمله ، مختبر له، فبأيتهما قرأ القارئ كما وصفنا ، فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.* * *وأما قوله; (وردّوا إلى الله مولاهم الحق) ، فإنه يقول; ورجع هؤلاء المشركون يومئذٍ إلى الله الذي هو ربهم ومالكهم ، الحقّ لا شك فيه ، دون ما كانوا يزعمون أنهم لهم أرباب من الآلهة والأنداد ، ( وضل عنهم ما كانوا يفترون) ، يقول; وبطل عنهم ما كانوا يتخرَّصون من الفرية والكذب على الله بدعواهم أوثانهم أنها لله شركاء، وأنها تقرِّبهم منه زُلْفَى، (48) كما;-17658- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; (وردوا إلى الله مولاهم الحق وضلّ عنهم ما كانوا يفترون) ، قال; ما كانوا يدعون معه من الأنداد والآلهة، ما كانوا يفترون الآلهة، وذلك أنهم جعلوها أندادًا وآلهة مع الله افتراءً وكذبًا.---------------------------الهوامش ;(43) في المطبوعة ; " بما قدمت " بالباء ، لم يحسن قراءة المخطوطة. وانظر تفسير " الابتلاء " فيما سلف من فهارس اللغة ( بلا )(44) انظر هذه القراءة وتفسيرها فيما سلف 2 ; 411 .(45) انظر تفسير " يتلو " فيما سلف من فهارس اللغة ( تلا ) .(46) " لم أجد نص الخبر في غير هذا المكان . مسندًا ولا غير مسند .(47) في المطبوعة في المواضع كلها " تبلو " بالباء ، وفي المخطوطة غير منقوطة ، والصواب بالتاء ، وذلك بين أيضًا من سياق التفسير لهذه القراءة .(48) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة .
ـ{هُنَالِكَ} أي: في ذلك اليوم {تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} أي: تتفقد أعمالها وكسبها، وتتبعه بالجزاء، وتجازي بحسبه، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وضل عنهم ما كانوا يفترون من قولهم بصحة ما هم عليه من الشرك وأن ما يعبدون من دون الله تنفعهم وتدفع عنهم العذاب.
(هنا) اسم اشارة مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة المكانيّة- أي في ذلك الموقف- متعلّق بـ (تبلوا) ، و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطابـ (تبلو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدرّة على الواو (كلّ) فاعل مرفوع
(نفس) مضاف إليه مجرور
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(أسلفت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث، والفاعل هي أي كلّ نفس
(الواو) عاطفة
(ردّوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ.. والواو نائب الفاعلـ (إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ردّوا) ،
(مولى) بدل من لفظ الجلالة مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة و (هم) ضمير مضاف إليه
(الحقّ) نعت لمولى مجرور
(الواو) عاطفة
(ضلّ) فعل ماض
(عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (ضلّ) بتضمينه معنى غابـ (ما) اسم موصول في محلّ رفع فاعلـ (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان
(يفترون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.جملة: «تبلو كلّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أسلفت» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الأول.
وجملة: «ردّوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «ضلّ عنهم ما ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «كانوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة: «يفترون» في محلّ نصب خبر كانوا.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٣٠
Yunus10:30