الرسم العثمانيقَالُوٓا أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا۠ يُوسُفُ وَهٰذَآ أَخِى ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَآ ۖ إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
الـرسـم الإمـلائـيقَالُوۡۤا ءَاِنَّكَ لَاَنۡتَ يُوۡسُفُؕ قَالَ اَنَا يُوۡسُفُ وَهٰذَاۤ اَخِىۡ ۖ قَدۡ مَنَّ اللّٰهُ عَلَيۡنَاؕ اِنَّهٗ مَنۡ يَّتَّقِ وَيَصۡبِرۡ فَاِنَّ اللّٰهَ لَا يُضِيۡعُ اَجۡرَ الۡمُحۡسِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
قالوا; أإنَّك لأنت يوسف؟ قال; نعم أنا يوسف، وهذا شقيقي، قد تفضَّل الله علينا، فجمع بيننا بعد الفرقة، إنه من يتق الله، ويصبر على المحن، فإن الله لا يذهب ثواب إحسانه، وإنما يجزيه أحسن الجزاء.
فعند ذلك قالوا " أئنك لأنت يوسف " وقرأ أبي بن كعب " إنك لأنت يوسف " وقرأ ابن محيصن " أنت يوسف " والقراءة المشهورة هي الأولى لأن الاستفهام يدل على الاستعظام أي أنهم تعجبوا من ذلك أنهم يترددون إليه من سنتين وأكثر وهم لا يعرفونه وهو مع هذا يعرفهم ويكتم نفسه فلهذا قالوا على سبيل الإستفهام " أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي " وقوله " قد من الله علينا " أي يجمعه بيننا بعد التفرقة المدة " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا " الآية يقولون معترفين له بالفضل والأثرة عليهم في الخلق والخلق والسعة والملك والتصرف والنبوة أيضا على قول من لم يجعلهم أنبياء وأقروا بأنهم أساءوا إليه واخطأوا في حقه.
قوله تعالى ; قالوا أئنك لأنت يوسف لما دخلوا عليه فقالوا ; مسنا وأهلنا الضر فخضعوا له وتواضعوا رق لهم ، وعرفهم بنفسه ، فقال ; هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه فتنبهوا فقالوا ; أئنك لأنت يوسف قاله ابن إسحاق . وقيل ; إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا قال ابن عباس لما قال لهم ; هل علمتم ما فعلتم بيوسف الآية ، ثم تبسم يوسف - وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم - فشبهوه بيوسف ، فقالوا له على جهة الاستفهام ; أئنك لأنت يوسف . وعن ابن عباس أيضا ; أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه ، وكان في قرنه علامة ، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة ، فلما قال لهم ; هل علمتم ما فعلتم بيوسف رفع التاج عنه فعرفوه ، فقالوا ; أئنك لأنت يوسف . وقال ابن عباس ; كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه ، وفي الكتاب ; من يعقوب صفي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر - أما بعد - فإنا أهل بيت بلاء ومحن ، ابتلى الله جدي [ ص; 224 ] إبراهيم بنمروذ وناره ، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح ، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء ، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام . فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله ، واقشعر جلده ، وأرخى عينيه بالبكاء ، وعيل صبره فباح بالسر . وقرأ ابن كثير " إنك " على الخبر ، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله ; وتلك نعمة .قال أنا يوسف أي أنا المظلوم والمراد قتله ، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة .قد من الله علينا أي بالنجاة والملك .إنه من يتق ويصبر أي يتق الله ويصبر على المصائب ، وعن المعاصي .فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي الصابرين في بلائه ، القائمين بطاعته . وقرأ ابن كثير ; " إنه من يتقي " بإثبات الياء ; والقراءة بها جائزة على أن تجعل " من " بمعنى الذي ، وتدخل يتقي في الصلة ، فتثبت الياء لا غير ، وترفع " ويصبر " . وقد يجوز أن تجزم " ويصبر " على أن تجعل " يتقي " في موضع جزم و " من " للشرط ، وتثبت الياء ، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل ; كما قال ;ثم نادي إذا دخلت دمشقا يا يزيد بن خالد بن يزيدوقال آخر ;ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زيادوقراءة الجماعة ظاهرة ، والهاء في " إنه " كناية عن الحديث ، والجملة الخبر .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره;قال إخوة يوسف له حين قال لهم ذلك يوسف; ( إنك لأنت يوسف)؟ ، فقال;نعم أنا يوسف ، (وهذا أخي قد مَنَّ الله علينا) بأن جمع بيننا بعد ما فرقتم بيننا ، ( إنه من يتق ويصبر ) ، يقولإنه من يتق الله فيراقبه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، (ويصبر) ، يقول; ويكفّ نفسه ، فيحبسها عما حرَّم الله عليه من قول أو عمل عند مصيبةٍ نـزلتْ به من الله (22) ، ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) ، يقول;فإن الله لا يُبْطل ثواب إحسانه وجزاء طاعته إيَّاه فيما أمره ونهاه .* * *وقد اختلف القرأة في قراءة قوله; ( أإنك لأنت يوسف ) .فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار; ( أَإِنّكَ ) ، على الاستفهام .* * *وذكر أن ذلك في قراءة أبيّ بن كعب; " أَوَأَنْتَ يُوسُفُ.* * *وروي عن ابن محيصن أنه قرأ; " إِنَّكَ لأَنْتَ يُوُسُفُ" ، على الخبر ، لا على الاستفهام .* * *قال أبو جعفر; والصواب من القراءة في ذلك عندنا ، قراءةُ من قرأه بالاستفهام ، لإجماع الحجّة من القرأة عليه .* * *19791- حدثنا ابن حميد ، قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال، لما قال لهم ذلك ، يعني قوله; هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ، كشف الغِطاء فعرفوه ، فقالوا; ( أإنك لأنت يوسف )، الآية.19792- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثني من سمع عبد الله بن إدريس يذكر ، عن ليث ، عن مجاهد ، قوله; ( إنه من يتق ويصبر ) ، يقول;من يتق معصية الله، ويصبر على السِّجن.* * *----------------------الهوامش;(22) انظر تفسير" التقوى" ، و" الصبر" فيما سلف من فهارس اللغة ( وقى ) ، ( صبر ) .
فعرفوا أن الذي خاطبهم هو يوسف، فقالوا: { أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا } بالإيمان والتقوى والتمكين في الدنيا، وذلك بسبب الصبر والتقوى، { إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ } أي: يتقي فعل ما حرم الله، ويصبر على الآلام والمصائب، وعلى الأوامر بامتثالها { فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } فإن هذا من الإحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
(قالوا) فعل ماض وفاعله
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ- أو الاستخباريّ-
(إنّك) حرف مشبّه بالفعل و (الكاف) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(اللام) لام الابتداء
(أنت) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ ،
(يوسف) خبر مرفوع، ومنع من التنوين للعلميّة العجمة
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (أنا يوسف) مثل أنت يوسف
(الواو) حرف عطف
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أخي) خبر مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء، و (الياء) ضمير مضاف إليه
(قد) حرف تحقيق
(منّ) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(على) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (منّ) ،
(إنّه) مرّ إعرابه ،
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(يتّق) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل هو (الواو) عاطفة
(يصبر) مثل يتّق معطوف عليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(إنّ) مثل الأولـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (لا) نافية
(يضيع) مضارع مرفوع والفاعل هو (أجر) مفعول به منصوبـ (المحسنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «إنّك لأنت يوسف ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أنت يوسف ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنا يوسف ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «هذا أخي ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة أنا يوسف.وجملة: «منّ الله علينا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول .
وجملة: «إنّه من يتّق ... » لا محلّ لها في حكم التعليل.
وجملة: «من يتّق ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يتّق ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «يصبر ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يتّق ...وجملة: «إنّ الله لا يضيع ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «لا يضيع ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٩٠
Yusuf12:90