الرسم العثمانيقَالَتْ إِنِّىٓ أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيقَالَتۡ اِنِّىۡۤ اَعُوۡذُ بِالرَّحۡمٰنِ مِنۡكَ اِنۡ كُنۡتَ تَقِيًّا
تفسير ميسر:
قالت مريم له; إني أستجير بالرحمن منك أن تنالني بسوء إن كنت ممن يتقي الله.
"قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا" أي لما تبدى لها الملك في صورة بشر وهي في مكان منفرد وبينها وبين قومها حجاب خافته وظنت أنه يريدها على نفسها فقالت "إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا" أي إن كنت تخاف الله تذكيرا له بالله وهذا هو المشروع في الدفع أن يكون بالأسهل فالأسهل فخوفته أولا بالله عز وجل قال ابن جرير; حدثني أبو كريب حدثنا أبو بكر عن عاصم قال قال أبو وائل وذكر قصة مريم فقال قد علمت أن التقي ذو نهية حين قالت "إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك" أي فقال لها الملك مجيبا لها ومزيلا لما حصل عندها من الخوف على نفسها لست مما تظنين ولكني رسول ربك أي بعثني الله إليك ويقال إنها لما ذكرت الرحمن انتفض جبريل فرقا وعاد إلى هيئته.
ف قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أي ممن يتقي الله . البكالي ; فنكص جبريل - عليه السلام - فزعا من ذكر الرحمن تبارك وتعالى . الثعلبي ; كان رجلا صالحا فتعوذت به تعجبا . وقيل ; تقي فعيل بمعنى مفعول أي كنت ممن يتقى منه . في البخاري قال أبو وائل ; علمت مريم أن التقي ذو نهية حين قالت ; إن كنت تقيا . وقيل ; تقي اسم فاجر معروف في ذلك الوقت ؛ قاله وهب بن منبه ؛ حكاه مكي وغيره . ابن عطية وهو ضعيف ذاهب مع التخرص .
يقول تعالى ذكره; فخافت مريم رسولنا، إذ تمثل لها بشرًا سويا، وظنته رجلا يريدها على نفسها.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) قال; خشيت أن يكون إنما يريدها على نفسها.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السديّ فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا فلما رأته فزعت منه وقالت; (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) فقالت; إني أعوذ أيها الرجل بالرحمن منك، تقول; أستجير بالرحمن منك أن تنال مني ما حرّمه عليك إن كنت ذا تقوى له تتقي محارمه، وتجتنب معاصيه; لأن من كان لله تقيا، فإنه يجتنب ذلك. ولو وجه ذلك إلى أنها عَنَت; إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تتقي الله في استجارتي واستعاذتي به منك كان وجها.كما حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) ولا ترى إلا أنه رجل من بني آدم.حدثنا أبو كريب، قال; ثنا أبو بكر، عن عاصم، قال; قال ابن زيد - وذكر قَصَص مريم - فقال; قد علمت أن التقيّ ذو نُهية حين قالت (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ). يقول تعالى ذكره; فقال لها روحنا; إنما أنا رسول ربك يا مريم أرسلني إليك ( لأهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا )
{ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ ْ} أي. ألتجئ به وأعتصم برحمته، أن تنالني بسوء. { إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ْ} أي: إن كنت تخاف الله، وتعمل بتقواه، فاترك التعرض لي، فجمعت بين الاعتصام بربها، وبين تخويفه وترهيبه، وأمره بلزوم التقوى، وهي في تلك الحالة الخالية، والشباب، والبعد عن الناس، وهو في ذلك الجمال الباهر، والبشرية الكاملة السوية، ولم ينطق لها بسوء، أو يتعرض لها، وإنما ذلك خوف منها، وهذا أبلغ ما يكون من العفة، والبعد عن الشر وأسبابه. وهذه العفة - خصوصا مع اجتماع الدواعي، وعدم المانع - من أفضل الأعمال. ولذلك أثنى الله عليها فقال: { وَمَرْيَمَ ابْنَة عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ْ} { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ْ} فأعاضها الله بعفتها، ولدا من آيات الله، ورسولا من رسله.
(بالرحمن) متعلّق بـ (أعوذ) ،
(منك) متعلّق بـ (أعوذ) ،
(إن) حرف شرط جازم
(كنت) ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط.. و (التاء) اسمه
(تقيّا) خبر كنت منصوب.
جملة: «قالت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّي أعوذ ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أعوذ ... » في محلّ رفع خبر إنّ.وجملة: «كنت تقيّا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط محذوف تقديره فاتركني أو فانته عنّي.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :١٨
Maryam19:18