الرسم العثمانيوَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ءَايٰتٍ مُّبَيِّنٰتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ اَنۡزَلۡنَاۤ اِلَيۡكُمۡ اٰيٰتٍ مُّبَيِّنٰتٍ وَّمَثَلًا مِّنَ الَّذِيۡنَ خَلَوۡا مِنۡ قَبۡلِكُمۡ وَمَوۡعِظَةً لِّـلۡمُتَّقِيۡنَ
تفسير ميسر:
ولقد أنزلنا إليكم- أيها الناس- آيات القرآن دلالات واضحات على الحق، ومثلا من أخبار الأمم السابقة المؤمنين منهم والكافرين، وما جرى لهم وعليهم ما يكون مثلا وعبرة لكم، وموعظة يتعظ بها من يتقي الله ويَحْذَرُ عذابه.
ولما فصل تبارك وتعالى هذه الأحكام وبينها قال تعالى; "ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات" يعني القرآن في آيات واضحات مفسرات "ومثلا من الذين خلوا من قبلكم" أي خبرا عن الأمم الماضية وما حل بهم في مخالفتهم أوامر الله تعالى كما قال تعالى; "فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين" أي زاجرا عن ارتكاب المآثم والمحارم "وموعظة للمتقين" أي لمن اتقى الله وخافه. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة القرآن; فيه حكم ما بينكم وخبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.
ثم عدد تعالى على المؤمنين نعمه فيما أنزل إليهم من الآيات المنيرات ، وفيها ضرب لهم من أمثال الماضين من الأمم ليقع التحفظ مما وقع أولئك فيه .
يقول تعالى ذكره; ولقد أنـزلنا إليكم أيها الناس دلالات وعلامات مبينات; يقول مفصلات الحقّ من الباطل، وموضحات ذلك.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة، وبعض الكوفيين والبصريين " مُبَيَّنَاتٍ" بفتح الياء; بمعنى مفصلات، وأن الله فصلهن وبينهنّ لعباده، فهنّ مفصلات مبينات. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة; ( مُبَيِّنَاتٍ ) بكسر الياء، بمعنى أن الآيات هن تبين الحقّ والصواب للناس وتهديهم إلى الحقّ.والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، وذلك أن الله إذ فصّلها وبيَّنها صارت مبينة بنفسها الحق لمن التمسه من قِبَلها، وإذا بيَّنت ذلك لمن التمسه من قبلها، فيبين الله ذلك فيها، فبأي القراءتين قرأ القارئ فمصيب، في قراءته الصواب.وقوله; ( وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ) من الأمم، ( وَمَوْعِظَةً) لمن اتقى الله، فخاف عقابه وخشي عذابه.
هذا تعظيم وتفخيم لهذه الآيات، التي تلاها على عباده، ليعرفوا قدرها، ويقوموا بحقها فقال: { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ } أي: واضحات الدلالة، على كل أمر تحتاجون إليه، من الأصول والفروع، بحيث لا يبقى فيها إشكال ولا شبهة، { و } أنزلنا إليكم أيضا { مثلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ } من أخبار الأولين، الصالح منهم والطالح، وصفة أعمالهم، وما جرى لهم وجرى عليهم تعتبرونه مثالا ومعتبرا، لمن فعل مثل أفعالهم أن يجازى مثل ما جوزوا.{ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } أي: وأنزلنا إليكم موعظة للمتقين، من الوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، يتعظ بها المتقون، فينكفون عما يكره الله إلى ما يحبه الله.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(إليكم) متعلّق بـ (أنزلنا) ،
(مثلا) معطوف على آيات بالواو منصوبـ (من الذين) متعلّق بنعت لـ (مثلا) ،
(من قبلكم) متعلّق بـ (خلوا) ،
(موعظة) معطوف على آيات بالواو منصوبـ (للمتّقين) متعلّق بـ (موعظة) .
جملة: «أنزلنا ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
وجملة: «خلوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٣٤
An-Nur24:34