إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِـَٔايٰتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
اِنَّ الَّذِيۡنَ يَكۡفُرُوۡنَ بِاٰيٰتِ اللّٰهِ وَيَقۡتُلُوۡنَ النَّبِيّٖنَ بِغَيۡرِ حَقٍّۙ وَّيَقۡتُلُوۡنَ الَّذِيۡنَ يَاۡمُرُوۡنَ بِالۡقِسۡطِ مِنَ النَّاسِۙ فَبَشِّرۡهُمۡ بِعَذَابٍ اَ لِيۡمٍ
تفسير ميسر:
إن الذين يجحدون بالدلائل الواضحة وما جاء به المرسلون، ويقتلون أنبياء الله ظلمًا بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالعدل واتباع طريق الأنبياء، فبشِّرهم بعذاب موجع.
هذا ذم من الله تعالى لأهل الكتاب بما ارتكبوه من المآثم والمحارم في تكذيبهم بآيات الله قديما وحديثا التي بلغتهم إياها الرسل استكبارا عليهم وعنادا لهم وتعاظما على الحق واستنكافا عن اتباعه ومع هذا قتلوا من قتلوا من النبيين حين بلغوهم عن الله شرعه بغير سبب ولا جريمة منهم إليهم إلا لكونهم دعوهم إلى الحق "ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس" وهذا هو غاية الكبر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "الكبر بطر الحق وغمط الناس". وقال ابن أبي حاتم; حدثنا أبو الزبير الحسن بن علي بن مسلم النيسابوري نزيل مكة حدثني أبو حفص عمر بن حفص يعني ابن ثابت بن زرارة الأنصاري حدثنا محمد بن حمزة حدثنا أبو الحسن مولى لبني أسد عن مكحول عن أبي قبيصة بن ذئب الخزاعي عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال; قلت يا رسول الله أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال "رجل قتل نبيا أو من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم" الآية ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلا من بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوهم جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله عز وجل" وهكذا رواه ابن جرير عن أبي عبيد الوصابي محمد بن حفص عن ابن حمير عن أبي الحسن مولى بني أسد عن مكحول به وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال; قتلت بنو إسرائيل ثلاثمائة نبي من أول النهار وأقاموا سوق بقلهم من آخره رواه ابن أبي حاتم ولهذا لما أنْ تكبروا عن الحق واستكبروا على الخلق قابلهم الله على ذلك بالذلة والصغار في الدنيا والعذاب المهين في الآخرة فقال تعالى "فبشرهم بعذاب أليم" أي موجع مهين.
قوله تعالى ; إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليمفيه ست مسائل ( الأولى ) قوله تعالى ; إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين قال أبو العباس المبرد ; كان ناس من بني إسرائيل جاءهم النبيون يدعونهم إلى الله - عز وجل - فقتلوهم ، فقام أناس من بعدهم من المؤمنين فأمروهم بالإسلام فقتلوهم ; ففيهم نزلت هذه الآية . وكذلك قال معقل بن أبي مسكين ; كانت الأنبياء صلوات الله عليهم تجيء إلى بني إسرائيل بغير كتاب فيقتلونهم ، فيقوم قوم ممن اتبعهم فيأمرون بالقسط ، أي بالعدل ، فيقتلون . وقد روي عن ابن مسعود قال ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، بئس القوم قوم يمشي المؤمن بينهم بالتقية وروى أبو عبيدة بن الجراح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار من ذلك اليوم وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية . ذكره المهدوي وغيره . وروى شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال ; كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم سبعين نبيا ثم تقوم سوق بقلهم من آخر النهار .فإن قال قائل ; الذين وعظوا بهذا لم يقتلوا نبيا . فالجواب عن هذا أنهم رضوا فعل من قتل فكانوا بمنزلته ; وأيضا فإنهم قاتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهموا بقتلهم ; قال الله عز وجل ; وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك .( الثانية ) دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الأمم المتقدمة ، وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة . قال الحسن قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; من أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه . وعن درة بنت أبي لهب قالت ; جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر فقال ; من خير الناس يا رسول الله ؟ قال ; ( آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأتقاهم لله وأوصلهم لرحمه ) . وفي التنزيل ; المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ثم قال [ ص; 46 ] ; والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . فجعل تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقا بين المؤمنين والمنافقين ; فدل على أن أخص أوصاف المؤمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ورأسها الدعاء إلى الإسلام والقتال عليه . ثم إن الأمر بالمعروف لا يليق بكل أحد ، وإنما يقوم به السلطان إذ كانت إقامة الحدود إليه ، والتعزيز إلى رأيه ، والحبس والإطلاق له ، والنفي والتغريب ; فينصب في كل بلدة رجلا صالحا قويا عالما أمينا ويأمره بذلك ، ويمضي الحدود على وجهها من غير زيادة . قال الله تعالى ; الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر .( الثالثة ) وليس من شرط الناهي أن يكون عدلا عند أهل السنة ، خلافا للمبتدعة حيث تقول ; لا يغيره إلا عدل . وهذا ساقط ; فإن العدالة محصورة في القليل من الخلق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام في جميع الناس . فإن تشبثوا بقوله تعالى ; أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ، وقوله ; كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ونحوه ، قيل لهم ; إنما وقع الذم هاهنا على ارتكاب ما نهي عنه لا على نهيه عن المنكر . ولا شك في أن النهي عنه ممن يأتيه أقبح ممن لا يأتيه ، ولذلك يدور في جهنم كما يدور الحمار بالرحى ، كما بيناه في البقرة عند قوله تعالى ; أتأمرون الناس بالبر. ( الرابعة ) أجمع المسلمون فيما ذكر ابن عبد البر أن المنكر واجب تغييره على كل من قدر عليه ، وإنه إذا لم يلحقه بتغييره إلا اللوم الذي لا يتعدى إلى الأذى فإن ذلك لا يجب أن يمنعه من تغييره ; فإن لم يقدر فبلسانه ، فإن لم يقدر فبقلبه ليس عليه أكثر من ذلك . وإذا أنكر بقلبه فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك . قال ; والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأكيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا ولكنها مقيدة بالاستطاعة . قال الحسن ; إنما يكلم مؤمن يرجى أو جاهل يعلم ; فأما من وضع سيفه أو سوطه فقال ; اتقني اتقني فما لك وله . وقال ابن مسعود ; بحسب المرء إذا رأى منكرا لا يستطيع تغييره أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره . وروى ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لا يحل لمؤمن أن يذل [ ص; 47 ] نفسه . قالوا ; يا رسول الله وما إذلاله نفسه ؟ قال ; ( يتعرض من البلاء لما لا يقوم له ) .قلت ; وخرجه ابن ماجه عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن بن جندب عن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلاهما قد تكلم فيه . وروي عن بعض الصحابة أنه قال ; إن الرجل إذا رأى منكرا لا يستطيع النكير عليه فليقل ثلاث مرات " اللهم إن هذا منكر " فإذا قال ذلك فقد فعل ما عليه ، وزعم ابن العربي أن من رجا زواله وخاف على نفسه من تغييره الضرب أو القتل جاز له عند أكثر العلماء الاقتحام عند هذا الغرر ، وإن لم يرج زواله فأي فائدة عنده . قال ; والذي عندي أن النية إذا خلصت فليقتحم كيف ما كان ولا يبالي .قلت ; هذا خلاف ما ذكره أبو عمر من الإجماع . وهذه الآية تدل على جواز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع خوف القتل . وقال تعالى ; وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك . وهذا إشارة إلى الإذاية .( الخامسة ) روى الأئمة عن أبي سعيد الخدري قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . قال العلماء ; الأمر بالمعروف باليد على الأمراء ، وباللسان على العلماء ، وبالقلب على الضعفاء ، يعني عوام الناس . فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعله ، وإن لم يمكنه إلا بالعقوبة أو بالقتل فليفعل ، فإن زال بدون القتل لم يجز القتل ; وهذا تلقي من قول الله تعالى ; فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله . وعليه بنى العلماء أنه إذا دفع الصائل على النفس أو على المال عن نفسه أو عن ماله أو نفس غيره فله ذلك ولا شيء عليه . ولو رأى زيد عمرا وقد قصد مال بكر فيجب عليه أن يدفعه عنه إذا لم يكن صاحب المال قادرا عليه ولا راضيا به ; حتى لقد قال العلماء ; لو فرضنا قودا . وقيل ; كل بلدة يكون فيها أربعة [ ص; 48 ] فأهلها معصومون من البلاء ; إمام عادل لا يظلم ، وعالم على سبيل الهدى ، ومشايخ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحرضون على طلب العلم والقرآن ، ونساؤهم مستورات لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى .( السادسة ) روى أنس بن مالك قال ; قيل يا رسول الله ، متى نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ قال ; ( إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم ) . قلنا ; يا رسول الله وما ظهر في الأمم قبلنا ؟ قال ; ( الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالتكم ) . قال زيد ; تفسير معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( والعلم في رذالتكم ) إذا كان العلم في الفساق . خرجه ابن ماجه . وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان في " المائدة " وغيرها إن شاء الله تعالى وتقدم معنى فبشرهم وحبطت في البقرة فلا معنى للإعادة .
القول في تأويل قوله ; إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّقال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; (54) " إن الذين يكفرون بآيات الله "، أي; يجحدون حجج الله وأعلامه فيكذبون بها، من أهل الكتابين التوراة والإنجيل، كما;-6776 - حدثني ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير قال; ثم جمع أهل الكتابين جميعًا، وذكر ما أحدثوا وابتدعوا، &; 6-284 &; من اليهود والنصارى فقال; " إنّ الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حقّ" إلى قوله; قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ . (55)* * *وأما قوله; " ويقتلون النبيين بغير حقّ"، فإنه يعني بذلك - أنهم كانوا يقتلون رُسل الله الذين كانوا يُرسَلون إليهم بالنهي عما يأتون من معاصي الله، وركوب ما كانوا يركبونه من الأمور التي قد تقدم الله إليهم في كتبهم بالزجر عنها، نحو زكريا وابنه يحيى، وما أشبههما من أنبياء الله. (56)* * *القول في تأويل قوله ; وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِقال أبو جعفر; اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأه عامة أهل المدينة والحجاز والبصرة والكوفة وسائر قرأة الأمصار; ( وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ )، بمعنى القتل.* * *وقرأه بعض المتأخرين من قرأة الكوفة; ( وَيُقَاتِلُونَ )، بمعنى القتال، تأوّلا منه قراءةَ عبد الله بن مسعود، وادعى أن ذلك في مصحف عبد الله; ( وَقَاتَلُوا )، فقرأ الذي وصفنا أمرَه من القراءة بذلك التأويل; ( وَيُقَاتِلُونَ ).* * *قال أبو جعفر; والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه; " ويقتلون "، لإجماع الحجة من القرأة عليه به، (57) مع مجيء التأويل من أهل التأويل بأن ذلك تأويله.&; 6-285 &;ذكر من قال ذلك;6777 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن معقل بن أبي مسكين في قول الله; " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس "، قال; كان الوحي يأتي إلى بني إسرائيل فيذكِّرون [قومهم] - ولم يكن يأتيهم كتاب - فيقتلون، (58) فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم، فيذكِّرون قومهم فيقتلون، فهم; الذين يأمرون بالقسط من الناس.6778 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن قتادة، في قوله; " ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس "، قال; هؤلاء أهل الكتاب، كان أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكِّرونهم، فيقتلونهم.6779 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج في قوله; " إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس "، قال; كان ناس من بني إسرائيل ممن لم يقرأ الكتاب، كان الوحي يأتي إليهم فيذكِّرون قومهم فيقتلون على ذلك، (59) فهم; الذين يأمرون بالقسط من الناس.6780 - حدثني أبو عبيد الرصّابي محمد بن حفص قال، حدثنا ابن حِمْير قال، حدثنا أبو الحسن مولى بني أسد، عن مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب الخزاعي، عن أبي عبيدة بن الجراح قال; قلت; يا رسول الله، أىّ الناس أشدّ عذابًا يوم القيامة؟ &; 6-286 &; قال; " رجل قتل نبيًّا، أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم; " إنّ الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس " (60) إلى أن انتهى إلى " وما لهم من ناصرين "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; يا أبا عبيدة، قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًّا من أول النهار في ساعة واحدة! فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عُبَّاد بني إسرائيل، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعًا من آخر النهار في ذلك اليوم، وهم الذين ذكر الله عز وجل. (61)* * *قال أبو جعفر; فتأويل الآية إذًا; إنّ الذين يكفرون بآيات الله، ويقتلون النبيين بغير حق، ويقتلون آمريهم بالعدل في أمر الله ونهيه، الذين يَنهونهم عن قتل أنبياء الله وركوب* * *&; 6-287 &;القول في تأويل قوله ; فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21)قال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; ( فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) فأخبرهم يا محمد وأعلمهم; أنّ لهم عند الله عذابًا مؤلمًا لهم، وهو الموجع.-----------------الهوامش ;(54) في المطبوعة والمخطوطة; "يعني بذلك جل ثناءه" والسياق يقتضي ما أثبت.(55) الأثر; 6776- ابن هشام 2; 227 من بقية الآثار السالفة التي آخرها رقم; 6774.(56) انظر تفسير"يقتلون النبيين بغير الحق" فيما سلف 2; 140-142.(57) هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، وهي عبارة لا أرتضيها ، وأظن صوابها"لإجماع الحجة من القرأة على القراءة به". وانظر معاني القرآن للفراء 1; 202 في بيان قراءة الكسائي هذه.(58) هكذا نص الطبري ، ونقله كذلك في الدر المنثور 2; 13 وزدت منه ما بين القوسين. ومعنى عبارته أن الوحي كان يأتي إلى أنبياء بني إسرائيل ، كما هو بين في الروايات الأخرى ، التي رواها البغوي في تفسيره (هامش ابن كثير) 2; 117 ، 118 ، والقرطبي 4; 46.(59) قوله; "كان ناس من بني إسرائيل. . . كان الوحي يأتي إليهم" بحذف خبر"كان" الأولى ، عبارة فصيحة محكمة في العربية ، قد نبهت إلى مثلها مرارًا فيما سلف.(60) في المخطوطة والمطبوعة ، والدر المنثور 2; 13"الذين يقتلون النبيين" ، وفي غيرها"ويقتلون" وأثبت ما جاء في رواية ابن أبي حاتم ، فيما أخرجه ابن كثير في تفسيره 2; 118 ، وهو نص التلاوة.(61) الأثر; 6780-"أبو عبيد الوصابي; محمد بن حفص الحمصي" مضت ترجمته برقم; 129 (وانظر ما سيأتي رقم; 7009) ، وكان هناك في الإسناد"حدثني أبو عبيد الوصابي ، قال حدثنا محمد بن حفص" فرجح أخي السيد أحمد أن يكون خطأ ، وقد أصاب ، وكان الأجود حذف"قال حدثنا" من ذلك الإسناد.وكان في المطبوعة والمخطوطة هنا"أبو عبيد الرصافي محمد بن جعفر" والصواب من تفسير ابن كثير 2; 118."وابن حمير" هو; "محمد بن حمير بن أنيس القضاعي" ، روى عن إبراهيم عن أبي عبلة ، ومحمد بن زياد الألهاني ، ومعاوية بن سلام وغيرهم. سئل عنه أحمد فقال; "ما علمت إلا خيرًا" ، وقال ابن معين; "ثقة" وقال ابن أبي حاتم; "يكتب حديثه ولا يحتج به". وكان في المطبوعة; "ابن حميد" بالدال ، وهو خطأ ، صوابه من ابن كثير ، والبغوي بهامشه; 2; 118. وهو مترجم في التهذيب. وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، وذكر أبا عبيد الوصابي هذا فقال; "أدركته وقصدت السماع منه ، فقال لي بعض أهل حمص; ليس بصدوق ، ولم يدرك محمد بن حمير ، فتركته". أما "أبو الحسن مولى بني أسد" ، فقد ترجمه الحافظ في لسان الميزان 6; 364 قال؛; "أبو الحسن الأسدي" حدثنا عنه أبو كريب. مجهول ، انتهى. ولم ينفرد عنه أبو كريب ، بل روى عنه محمد بن حمير. وقال في روايته"مولى بني أسد ، عن مكحول" ، أخرج حديثه الطبري وابن أبي حاتم ، وذكره أبو حاتم فيمن لا يعرف اسمه". هذا وقد خرجه البغوي من طريق محمد بن عمرو بن حنان الكلبي ، عن محمد بن حمير" (بهامش تفسير ابن كثير 2; 118).
هؤلاء الذين أخبر الله عنهم في هذه الآية، أشد الناس جرما وأي: جرم أعظم من الكفر بآيات الله التي تدل دلالة قاطعة على الحق الذي من كفر بها فهو في غاية الكفر والعناد ويقتلون أنبياء الله الذين حقهم أوجب الحقوق على العباد بعد حق الله، الذين أوجب الله طاعتهم والإيمان بهم، وتعزيرهم، وتوقيرهم، ونصرهم وهؤلاء قابلوهم بضد ذلك، ويقتلون أيضا الذين يأمرون الناس بالقسط الذي هو العدل، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي حقيقته إحسان إلى المأمور ونصح له، فقابلوهم شر مقابلة، فاستحقوا بهذه الجنايات المنكرات أشد العقوبات، وهو العذاب المؤلم البالغ في الشدة إلى غاية لا يمكن وصفها، ولا يقدر قدرها المؤلم للأبدان والقلوب والأرواح.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد
(الذين) اسم موصول اسم إن في محلّ نصبـ (يكفرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يكفرون) ،
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(يقتلون) مثل يكفرون
(النبيّين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء
(بغير) جارّ ومجرور حال مؤكّدة من فاعل يقتلون
(حقّ) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(يقتلون) مثل يكفرون
(الذين) مثلـ الأول وهو مفعول به
(يأمرون) مثل يكفرون
(بالقسط) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يأمرون) ،
(من الناس) جارّ ومجرور بمتعلّق بمحذوف حال من الواو في فعل يأمرون
(الفاء) زائدة لتضمّن الموصول معنى الشرط
(بشّر) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت و (هم) ضمير متّصل مفعول به
(بعذاب) جارّ ومجرور متعلّق بـ (بشّرهم) ،
(أليم) نعت لعذاب مجرور مثله.
جملة: «إنّ الذين يكفرون..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يكفرون بآيات الله» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «يقتلون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يقتلون الثانية» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يأمرون..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «بشّرهم» في محلّ رفع خبر إنّ.