الرسم العثمانيمَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِىٓ أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ ۚ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
الـرسـم الإمـلائـيمَاۤ اَصَابَ مِنۡ مُّصِيۡبَةٍ فِى الۡاَرۡضِ وَلَا فِىۡۤ اَنۡفُسِكُمۡ اِلَّا فِىۡ كِتٰبٍ مِّنۡ قَبۡلِ اَنۡ نَّبۡـرَاَهَا ؕ اِنَّ ذٰ لِكَ عَلَى اللّٰهِ يَسِيۡرٌۚ
تفسير ميسر:
ما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تُخْلَق الخليقة. إن ذلك على الله تعالى يسير.
يخبر تعالى عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية فقال "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم" أي في الآفاق وفي نفوسكم" إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" أى من قبل أن نخلق الخليقه ونبرأ النسمة وقال بعضهم" من قبل أن نبرأها " عائد على النفوس وقيل عائد على المصيبة والأحسن عوده على الخليقة والبرية لدلالة الكلام عليها. كما قال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن منصور بن عبدالرحمن قال كنت جالسا مع الحسن فقال رجل سله عن قوله تعالى "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" فسألته عنها فقال سبحان الله ومن يشك في هذا؟ كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة وقال قتادة;"ما أصاب من مصيبة في الأرض" قال هي السنون يعني الجدب "ولا في أنفسكم" يقول الأوجاع والأمراض قال وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولا خلجان عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر. وهذه الآية الكريمة العظيمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق - قبحهم الله - وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عبدالرحمن حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا أخبرنا أبو هانىء الخولاني أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي يقول; سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص يقول; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة" ورواه مسلم في صحيحه من حديث عبدالله بن وهب وحيوة بن شريح ونافع بن زيد وثلاثتهم عن أبي هانىء به وزاد ابن وهب "وكان عرشه على الماء" ورواه الترمذي وقال حسن صحيح. وقوله تعالى"إن ذلك على الله يسير" أي أن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
قوله تعالى ; ما أصاب من مصيبة في الأرض قال مقاتل ; القحط وقلة النبات والثمار . وقيل ; الجوائح في الزرع .ولا في أنفسكم بالأوصاب والأسقام ؛ قاله قتادة . وقيل ; إقامة الحدود ؛ قاله ابن حيان . وقيل ; ضيق المعاش ، وهذا معنى رواه ابن جريج .إلا في كتاب يعني في اللوح المحفوظ . من قبل أن نبرأها الضمير في نبرأها عائد على النفوس أو الأرض أو المصائب أو الجميع . وقال ابن عباس ; من قبل أن يخلق المصيبة .وقال سعيد بن جبير ; من قبل أن يخلق الأرض والنفس . إن ذلك على الله يسير أي ; خلق ذلك وحفظ جميعه على الله يسير هين . قال الربيع بن صالح ; لما أخذ سعيد بن جبير رضي الله عنه بكيت ، فقال ; ما يبكيك ؟ قلت ; أبكي لما أرى بك ولما تذهب إليه . قال ; فلا تبك ، فإنه كان في علم الله أن يكون ، ألم تسمع قوله تعالى ; ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم الآية . وقال ابن عباس ; لما خلق الله القلم قال له ; اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ؛ ثقة بربهم وتوكلا عليه ، وقالوا ; قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة ، فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا ، قال الله تعالى ; ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .وقد قيل ; إن هذه الآية تتصل بما قبل ، وهو أن الله سبحانه هون عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتل وجرح ، وبين أن ما يخلفهم عن الجهاد من المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران ، فالكل مكتوب مقدر لا مدفع له ، وإنما على المرء امتثال الأمر .
يقول تعالى ذكره; ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في الأرض بجدوبها وقحوطها، وذهاب زرعها وفسادها، (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ) بالأوصاب والأوجاع والأسقام، (إِلا فِي كِتَابٍ ) يعني; إلا في أمّ الكتاب، (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) يقول; من قبل أن نبرأ الأنفس، يعني; من قبل أن نخلقها، يقال; قد برأ الله هذا الشيء، بمعنى; خلقه فهو بارئه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا )، قال; هو شيء قد فرغ منه من قبل أن نبرأ النفس.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ )، أما مصيبة الأرض; فالسنون. وأما في أنفسكم; فهذه الأمراض والأوصاب، (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) ; من قبل أن نخلقها.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ ) قال; هي السنون، (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ ) قال; الأوجاع والأمراض. قال; وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خَدْش عود، ولا نَكْبة قدم، ولا خَلجَانُ عِرْقٍ إلا بذنب، وما يعفو عنه أكثر.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن منصور بن عبد الرحمن، قال; كنت جالسا مع الحسن، فقال رجل; سله عن قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا )، فسألته عنها، فقال; سبحان الله، ومن يشكّ في هذا؟ كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن تبرأ النسمة.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) يقول; هو شيء قد فرغ منه، (من قبل أن نبرأها); من قبل أن نبرأ الأنفس.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قول الله جلّ ثناؤه (فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) قال; من قبل أن نخلقها، قال; المصائب والرزق والأشياء كلها مما تحبّ وتكره فرغ الله من ذلك كله، قبل أن يبرأ النفوس ويخلقها.وقال آخرون; عُنِي بذلك; ما أصاب من مصيبة في دين ولا دنيا.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ) يقول; في الدين والدنيا(إلا في كتاب); من قبل أن نخلقها.واختلف أهل العربية في معنى في التي بعد قوله " إلا "، فقال بعض نحويي البصرة; يريد والله أعلم بذلك; إلا هي في كتاب، فجاز فيه الإضمار. قال، ويقول; عندي هذا ليس إلا يريد إلا هو. وقال غيره منهم، قوله; (فِي كِتَابٍ ); من صلة ما أصاب، وليس إضمار هو بشيء، وقال; ليس قوله عندي هذا ليس إلا مثله، لأن إلا تكفي من الفعل، كأنه قال; ليس غيره.وقوله; (إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) يقول تعالى ذكره; إن خلق النفوس، وإحصاء ما هي لاقية من المصائب على الله سهل يسير.
يقول تعالى مخبرا عن عموم قضائه وقدره: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ } وهذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق، من خير وشر، فكلها قد كتبت في اللوح المحفوظ، صغيرها وكبيرها، وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول، بل تذهل عنده أفئدة أولي الألباب، ولكنه على الله يسير، وأخبر الله عباده بذلك لأجل أن تتقرر هذه القاعدة عندهم، ويبنوا عليها ما أصابهم من الخير والشر،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحديد٥٧ :٢٢
Al-Hadid57:22