الرسم العثمانيكَلَّآ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
الـرسـم الإمـلائـيكَلَّاۤ اِنَّهُمۡ عَنۡ رَّبِّهِمۡ يَوۡمَٮِٕذٍ لَّمَحۡجُوۡبُوۡنَؕ
تفسير ميسر:
عذاب شديد يومئذ للمكذبين، الذين يكذبون بوقوع يوم الجزاء، وما يكذِّب به إلا كل ظالم كثير الإثم، إذا تتلى عليه آيات القرآن قال; هذه أباطيل الأولين. ليس الأمر كما زعموا، بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه، وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب. ليس الأمر كما زعم الكفار، بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربهم- جل وعلا- لمحجوبون، (وفي هذه الآية دلالة على رؤية المؤمنين ربَّهم في الجنة) ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها، ثم يقال لهم; هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون.
أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم قال الإمام أبو عبدالله الشافعي; وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الآية; كما دل عليه منطوق قوله تعالى "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الآخرة رؤية بالأبصار فى عرصات القيامة وفي روضات الجنان الفاخرة. وقد قال ابن جرير حدثنا أبو معمر المقري حدثنا عبدالوارث بن سعيد عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" قال يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية أو كلاما هذا معناه.
قوله تعالى ; ( كلا ) أي حقا إنهم يعني الكفار عن ربهم يومئذ أي يوم القيامة لمحجوبون . وقيل ; كلا ردع وزجر ، أي ليس كما يقولون ، بل إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . قال الزجاج ; في هذه الآية دليل على أن الله - عز وجل - يرى في القيامة ، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة ، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون . وقال جل ثناؤه ; وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة فأعلم الله - جل ثناؤه - أن المؤمنين ينظرون إليه ، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه ، وقال مالك بن أنس في هذه الآية ; لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه . وقال الشافعي ; لما حجب قوما بالسخط ، دل على أن قوما يرونه بالرضا . ثم قال ; أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا . وقال الحسين بن الفضل ; لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته . وقال مجاهد في قوله تعالى ; لمحجوبون ; أي عن كرامته ورحمته ممنوعون . وقال قتادة ; هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم . وعلى الأول الجمهور ، وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه .
وقوله; ( إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ) يقول تعالى ذكره; ثم إنهم لوَارِدُو الجحيم، فمشويُّون فيها.
فإنه محجوب عن الحق، ولهذا جوزي على ذلك، بأن حجب عن الله، كما حجب قلبه في الدنيا عن آيات الله،
(عن ربّهم) جار ومجرور متعلّق بـ (محجوبون) وهو بحذف مضاف أي عن رؤية ربّهم، وكذلك الظرف
(يومئذ) ، والتنوين عوض من جملة أي يوم إذ يقوم الناس
(اللام) المزحلقة للتوكيد في الموضعين
(ثمّ) للعطف في الموضعين
(الذي) موصول في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هذا) ،
(به) متعلّق بـ (تكذّبون) .
جملة: «إنّهم ... لمحجوبون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّهم لصالوا الجحيم ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يقال ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «هذا الذي ... » في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «كنتم به تكذّبون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .وجملة: «تكذّبون» في محلّ نصب خبر كنتم.
- القرآن الكريم - المطففين٨٣ :١٥
Al-Mutaffifin83:15