الرسم العثمانيلَوْلَا يَنْهٰىهُمُ الرَّبّٰنِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
الـرسـم الإمـلائـيلَوۡلَا يَنۡهٰٮهُمُ الرَّبَّانِيُّوۡنَ وَالۡاَحۡبَارُ عَنۡ قَوۡلِهِمُ الۡاِثۡمَ وَاَكۡلِهِمُ السُّحۡتَؕ لَبِئۡسَ مَا كَانُوۡا يَصۡنَعُوۡنَ
تفسير ميسر:
هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان أئمتُهم وعلماؤهم، عن قول الكذب والزور، وأكل أموال الناس بالباطل، لقد ساء صنيعهم حين تركوا النهي عن المنكر.
قوله تعالى "لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" يعني ينهاهم الربانيون والأحبار منهم عن تعاطي ذلك والربانيون هم العلماء العمال أرباب الولايات عليهم والأحبار هم العلماء فقط" لبئس ما كانوا يصنعون" يعني من تركهم ذلك قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال لهؤلاء حين لم ينهوا ولهؤلاء حين علموا قال وذلك الأركان قال ويعلمون ويصنعون واحد رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا ابن عطية حدثنا قيس عن العلاء بن المسيب عن خالد بن دينار عن ابن عباس قال ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية" لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون" قال كذا قرأ وكذا قال الضحاك ما في القرآن آية أخوف عندي منها إنا لا ننتهي رواه ابن جرير وقال ابن أبي حاتم ذكره يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن مسلم عن أبي الوضاح حدثنا ثابت أبو سعيد الهمذاني قال لقيته بالري فحدث عن يحيى بن يعمر قال خطب علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال; أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار فلما تمادوا في المعاصي أخذتهم العقوبات فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم مثل الذي نزل بهم واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرب أجلا وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا شريك عن أبي إسحق عن المنذر بن جرير عن أبيه قال; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -;" ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي هم أعز منه وأمنع ولم يغيروا إلا أصابهم الله منه بعذاب" تفرد به أحمد من هذا الوجه ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي الأحوص عن أبي إسحق عن المنذر بن جرير عن جرير قال; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول;" ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلا يغيرون إلا أصابهم الله بعقاب قبل أن يموتوا" وقد رواه ابن ماجه عن على بن محمد عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه به قال الحافظ المزي وهكذا رواه شعبة عن إسحق به.
قوله تعالى ; لولا ينهاهم الربانيون والأحبار لولا بمعنى فلا . ينهاهم يزجرهم . الربانيون علماء النصارى . والأحبار ) علماء اليهود قاله الحسن ، وقيل الكل في اليهود ; لأن هذه الآيات فيهم . ثم وبخ علماءهم في تركهم نهيهم فقال ; لبئس ما كانوا يصنعون كما وبخ من يسارع في الإثم بقوله ; لبئس ما كانوا يعملون ودلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكب المنكر ; فالآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد مضى القول في هذا المعنى في ( البقرة ) و ( آل عمران ) ، وروى سفيان بن عيينة قال ; حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر قال ; بلغني أن ملكا أمر أن يخسف بقرية فقال ; يا رب فيها فلان العابد فأوحى الله تعالى إليه ; ( أن به فابدأ فإنه لم يتمعر وجهه في ساعة قط ) ، وفي صحيح الترمذي ; ( إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ) ، وسيأتي . والصنع بمعنى العمل إلا أنه يقتضي الجودة ; يقال ; سيف صنيع إذا جود عمله .
القول في تأويل قوله ; لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الإثم والعدوان وأكل الرشى في الحكم، من اليهود من بني إسرائيل، (49) ربانيوهم= وهم أئمتهم المؤمنون، وساستهم العلماء بسياستهم (50) = وأحبارهم، وهم علماؤهم وقوادهم (51) =" عن قولهم الإثم " يعني; عن قول الكذب والزور، وذلك أنهم كانوا يحكمون فيهم بغير حكم الله، ويكتبون كتبًا بأيديهم ثم يقولون; " هذا من حكم الله، وهذا من كتبه ". يقول الله; فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [سورة البقرة; 79].* * *وأما قوله; " وأكلهم السحت "، فإنه يعني به الرشوة التي كانوا يأخذونها على حكمهم بغير كتاب الله لمن حكموا له به.* * *وقد بينا معنى " الربانيين " و " الأحبار " ومعنى " السحت "، بشواهد ذلك فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (52)* * *=" لبئس ما كانوا يصنعون "، وهذا قسم من الله أقسم به، يقول تعالى ذكره; أقسم; لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار، في تركهم نهيَ الذين يسارعون منهم في الإثم والعدوان وأكل السحت، عما كانوا يفعلون من ذلك.* * *وكان العلماء يقولون; ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا للعلماء من هذه الآية، ولا أخوفَ عليهم منها.12238 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الله بن داود قال، حدثنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم في قوله; " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم " قال; ما في القرآن آية، أخوف عندي منها; أَنَّا لا ننهى. (53)12239 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا قيس، عن العلاء بن المسيب، عن خالد بن دينار، عن ابن عباس قال; ما في القرآن آية أشدَّ توبيخًا من هذه الآية; ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ) قال; كذا قرأ. (54)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك;12240 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك; " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت " [قال; " الربانيون والأحبار "، فقهاؤهم وقراؤهم وعلماؤهم. قال; ثم يقول الضحاك; وما أخوفني من هذه الآية!]. (55)12241 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله; " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون "، يعني; الربانيين، أنهم; لبئس ما كانوا يصنعون.-------------------الهوامش ;(43) انظر تفسير"المسارعة" فيما سلف 10; 404 ، تعليق; 3 ، والمراجع هناك.(44) انظر تفسير"الإثم" فيما سلف 9; 196 ، 197 ، ثم سائر فهارس اللغة.(45) في المطبوعة; "في أحكام اليهود" ، والصواب من المخطوطة.(46) قوله; "وذلك الإدهان"حذفت من المطبوعة ، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة هكذا; "قال; وذلك الإركان" ، وصواب قراءته ما أثبت. و"الإدهان"; اللين والمصانعة ، في الدين وفي كل شيء ، وفي التنزيل; "ودوا لو تدهن فيدهنون".(47) انظر تفسير"العدوان" فيما سلف 9; 362 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(48) انظر تفسير"السحت" فيما سلف 10; 317- 324.(49) انظر تفسير"لولا" بمعنى; "هلا" ، فيما سلف 2; 552 ، 553.(50) انظر تفسير"الربانيون" فيما سلف 5; 540- 544/10; 341- 343(51) انظر تفسير"الأحبار" فيما سلف 6; 543 ، 544/10; 341- 343(52) انظر التعليقات السالفة قريبًا.(53) الأثر; 12238-"عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع الهمداني" ، أبو عبد الرحمن الخريبي. كان ثقة عابدًا ، وكان عسرًا في الرواية. مترجم في التهذيب.(54) الأثر; 12239-"ابن عطية" هو; "الحسن بن عطية بن نجيح القرشي" ، أبو علي البزار مضى برقم; 1939 ، 4962 ، 7535 ، 8961 ، 8962. وهو الذي يروي عنه أبو كريب ويقول; "ابن عطية" ، وكان في المطبوعة والمخطوطة; "أبو عطية". وهو خطأ.و"قيس" ، هو"قيس بن الربيع الأسدي" ، مضى برقم; 159 ، 4842 ، 5413 ، 6892 ، 7535.و"العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي" ، مضى برقم; 3789.و"خالد بن دينار التميمي السعدي" مضى برقم; 44 ، ولم يدرك ابن عباس.(55) الأثر; 12240- كان في المطبوعة"... وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" ، أتم الآية ، وليس للخبر تتمة. أما المخطوطة ، فليس فيها تتمة الآية ولا تتمة الخبر ، والذي أثبته من الدر المنثور 1; 296 قال; "وأخرج عبد بن حميد من طريق سلمة بن نبيط..." ، وساق الأثر كما أثبته.
{ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ْ} أي: هلا ينهاهم العلماء المتصدون لنفع الناس، الذين من الله عليهم بالعلم والحكمة -عن المعاصي التي تصدر منهم، ليزول ما عندهم من الجهل، وتقوم حجة الله عليهم، فإن العلماء عليهم أمر الناس ونهيهم، وأن يبينوا لهم الطريق الشرعي، ويرغبونهم في الخير ويرهبونهم من الشر { لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ْ}
(لولا) أداة تحضيض بمعنى هلّا فيها معنى التوبيخ
(ينهى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدرة على الألف و (هم) ضمير مفعول به
(الربّانيّون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة
(الأحبار) معطوف على قبله مرفوع مثله
(عن قول) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ينهى) ، و (هم) ضمير مفعول به
(الإثم) مفعول به للمصدر قول منصوبـ (الواو) عاطفة
(أكلهم السحت) مثل قولهم الإثم
(لبئس ما كانوا يصنعون) مثل السابقة .
جملة «ينهاهم الربانيّون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «بئس ما كانوا ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «كانوا يصنعون» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «يصنعون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
- القرآن الكريم - المائدة٥ :٦٣
Al-Ma'idah5:63