قَالَ هٰذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ
قَالَ هٰذَا صِرَاطٌ عَلَىَّ مُسۡتَقِيۡمٌ
تفسير ميسر:
قال الله; هذا طريق مستقيم معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي. إن عبادي الذين أخلصوا لي لا أجعل لك سلطانًا على قلوبهم تضلُّهم به عن الصراط المستقيم، لكن سلطانك على مَنِ اتبعك مِنَ الضالين المشركين الذين رضوا بولايتك وطاعتك بدلا من طاعتي.
هذا صراط علي مستقيم " أي مرجعكم كلكم إلي فأجازيكم بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر كقوله تعالى " إن ربك لبالمرصاد " وقيل طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى وإليه تنتهي قاله مجاهد والحسن وقتادة كقوله " وعلى الله قصد السبيل " وقرأ قيس بن عبادة ومحمد بن سيرين وقتادة " هذا صراط علي مستقيم " كقوله " وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " أي رفيع والمشهور القراءة الأولى.
قوله تعالى ; قال هذا صراط علي مستقيم قال عمر بن الخطاب ; ( معناه هذا صراط يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة ) . الحسن ; علي بمعنى إلي . مجاهد والكسائي ; هذا على الوعيد والتهديد ; كقولك لمن تهدده ; طريقك علي ومصيرك إلي . وكقوله ; إن ربك لبالمرصاد . فكان معنى الكلام ; هذا طريق مرجعه إلي فأجازي كلا بعمله ، يعني طريق العبودية . وقيل ; المعنى علي أن أدل على الصراط المستقيم بالبيان والبرهان . وقيل ; بالتوفيق والهداية . وقرأ ابن سيرين وقتادة والحسن وقيس بن عباد وأبو رجاء وحميد ويعقوب " هذا صراط علي مستقيم " برفع " علي " وتنوينه ; ومعناه رفيع مستقيم ، أي رفيع في الدين والحق . وقيل ; رفيع أن ينال ، مستقيم أن يمال .
اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) فقرأه عامَّة قراء الحجاز والمدينة والكوفة والبصرة ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) بمعنى; هذا طريق إليّ مستقيم.فكان معنى الكلام; هذا طريق مرجعه إليّ فأجازي كلا بأعمالهم، كما قال الله تعالى ذكره إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ،وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده; طريقك عليّ، وأنا على طريقك، فكذلك قوله ; ( هَذَا صِرَاطٌ ) معناه; هذا طريق عليّ وهذا طريق إليّ. وكذلك تأول من قرأ ذلك كذلك.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، وحدثني الحسن بن محمد، قال; ثنا شبابة، قال; ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال; ثنا أبو حُذيفة، قال; ثنا شبل، وحدثني المثنى، قال; ثنا إسحاق، قال; ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) قال; الحقّ يرجع إلى الله ، وعليه طريقه، لا يعرِّج على شيء.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه.حدثنا أحمد بن يوسف، قال; ثنا القاسم، قال; ثنا مَرْوان بن شجاع، عن خَصِيف، عن زياد بن أبي مريم، وعبد الله بن كثير أنهما قرآها( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) وقالا عليّ هي إليّ وبمنـزلتها.حدثنا الحسن بن محمد، قال; ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وسعيد عن قتادة، عن الحسن ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول; إليّ مستقيم. وقرأ ذلك قيس بن عباد وابن سيرين وقتادة فيما ذُكر عنهم ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) برفع عليّ على أنه نعت للصراط، بمعنى; رفيع.* ذكر من قال ذلك;حدثني المثنى، قال; ثنا إسحاق، قال; ثنا ابن أبي حماد، قال; ثني جعفر البصري، عن ابن سيرين أنه كان يقرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يعني; رفيع.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) أي رفيع مستقيم ، قال بشر، قال يزيد، قال سعيد; هكذا نقرؤها نحن وقتادة.حدثنا الحسن بن محمد، قال; ثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أبي العوّام، عن قتادة، عن قيس بن عباد ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) يقول; رفيع.والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأ ( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ) على التأويل الذي ذكرناه عن مجاهد والحسن البصري ، ومن وافقهما عليه، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ، وشذوذ ما خالفها.
قال الله تعالى: { هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } أي: معتدل موصل إليَّ وإلى دار كرامتي.
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(صراط) خبر مرفوع
(على) حرف جرّ و (الياء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لصراط
(مستقيم) نعت ثان مرفوع.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هذا صراط ... » في محلّ نصب مقول القول.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (عبادي) اسم إنّ منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(ليس) فعل ماض ناقص جامد
(اللام) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر ليس
(عليهم) مثل عليّ متعلّق بحال من سلطان- نعت تقدّم على المنعوت-
(سلطان) اسم ليس مؤخّر
(إلّا) أداة استثناء
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب على الاستثناء المنقطع ،
(اتّبعك) فعل ماض، و (الكاف) ضمير مفعول به، والفاعل هو وهو العائد
(من الغاوين) جارّ ومجرور حال من ضمير الفاعل.
وجملة: «إنّ عبادي ليس ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول السابق.
وجملة: «ليس لك.. سلطان» في محلّ رفع خبر إنّ.
(الواو) عاطفة
(إنّ جهنّم) مثل إنّ عبادي، ومنع جهنّم من التنوين للعلميّة والتأنيث
(اللام) المزحلقة للتوكيد
(موعدهم) خبر إنّ مرفوع..
و (هم) مضاف إليه
(أجمعين) توكيد للضمير في موعدهم مجرور وعلامة الجرّ الياء.وجملة: «إنّ جهنّم لموعدهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ عبادي..
(لها) مثل لك متعلّق بخبر مقدّم
(سبعة) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(أبواب) مضاف إليه مجرور
(لكلّ) جارّ ومجرور خبر مقدّم
(باب) مضاف إليه مجرور
(من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من(جزء) وهو مبتدأ مؤخّر مرفوع
(مقسوم) نعت لجزء مرفوع.
وجملة: «لها سبعة أبواب» في محلّ رفع خبر ثان لـ (إنّ) .
وجملة: «لكلّ باب.. جزء ... » في محلّ رفع نعت لسبعة أبواب والرابط مقدّر أي لكلّ باب منها.. .