أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّـَٔاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
بل أظنَّ الذين اكتسبوا السيئات، وكذَّبوا رسل الله، وخالفوا أمر ربهم، وعبدوا غيره، أن نجعلهم كالذين آمنوا بالله، وصدقوا رسله وعملوا الصالحات، وأخلصوا له العبادة دون سواه، ونساويَهم بهم في الدنيا والآخرة؟ ساء حكمهم بالمساواة بين الفجار والأبرار في الآخرة.
وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزٰى كُلُّ نَفْسٍۢ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
وخَلَق الله السموات والأرض بالحق والعدل والحكمة؛ ولكي تجزى كل نفس في الآخرة بما كسبت مِن خير أو شر، وهم لا يُظْلمون جزاء أعمالهم.
أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلٰهَهُۥ هَوٰىهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلٰى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلٰى سَمْعِهِۦ وَقَلْبِهِۦ وَجَعَلَ عَلٰى بَصَرِهِۦ غِشٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنۢ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
أفرأيت -أيها الرسول- من اتخذ هواه إلهًا له، فلا يهوى شيئًا إلا فَعَله، وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه، فلا يسمع مواعظ الله، ولا يعتبر بها، وطبع على قلبه، فلا يعقل به شيئًا، وجعل على بصره غطاء، فلا يبصر به حجج الله؟ فمن يوفقه لإصابة الحق والرشد بعد إضلال الله إياه؟ أفلا تذكرون -أيها الناس- فتعلموا أنَّ مَن فَعَل الله به ذلك فلن يهتدي أبدًا، ولن يجد لنفسه وليًا مرشدًا؟ والآية أصل في التحذير من أن يكون الهوى هو الباعث للمؤمنين على أعمالهم.
وَقَالُوا مَا هِىَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُم بِذٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ
وقال هؤلاء المشركون; ما الحياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها، لا حياة سواها؛ تكذيبا منهم بالبعث بعد الممات، وما يهلكنا إلا مرُّ الليالي والأيام وطول العمر؛ إنكارًا منهم أن يكون لهم رب يفنيهم ويهلكهم، وما لهؤلاء المشركين من علم بذلك، ما هم إلا يتكلمون بالظن والوهم والخيال.
وَإِذَا تُتْلٰى عَلَيْهِمْ ءَايٰتُنَا بَيِّنٰتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّآ أَن قَالُوا ائْتُوا بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صٰدِقِينَ
إذا تتلى على هؤلاء المشركين المكذبين بالبعث آياتنا واضحات، لم يكن لهم حجة إلا قولهم للرسول محمد; أحْي أنت والمؤمنون معك آباءنا الذين قد هلكوا، إن كنتم صادقين فيما تقولون.
قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث; الله سبحانه وتعالى يحييكم في الدنيا ما شاء لكم الحياة، ثم يميتكم فيها، ثم يجمعكم جميعا أحياء إلى يوم القيامة لا شك فيه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على إماتتهم ثم بعثهم يوم القيامة.
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ
ولله سبحانه سلطان السموات السبع والأرض خَلْقًا ومُلْكًا وعبودية. ويوم تجيء الساعة التي يبعث فيها الموتى من قبورهم ويحاسبون، يخسر الكافرون بالله الجاحدون بما أنزله على رسوله من الآيات البينات والدلائل الواضحات.
وَتَرٰى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ۚ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعٰىٓ إِلٰى كِتٰبِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
وترى -أيها الرسول- يوم تقوم الساعة أهل كل ملة ودين جاثمين على رُكَبهم، كل أمة تُدْعى إلى كتاب أعمالها، ويقال لهم; اليوم تُجزون ما كنتم تعملون من خير أو شر.
هٰذَا كِتٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
هذا كتابنا ينطق عليكم بجميع أعمالكم من غير زيادة ولا نقص، إنَّا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم.
فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِۦ ۚ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ
فأما الذين آمنوا بالله ورسوله في الدنيا، وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه، فيدخلهم ربهم في جنته برحمته، ذلك الدخول هو الفوز المبين الذي لا فوز بعده.