وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلّٰى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يٰمُوسٰىٓ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ الْءَامِنِينَ
فلما أتى موسى النار ناداه الله من جانب الوادي الأيمن لموسى في البقعة المباركة من جانب الشجرة; أن يا موسى إني أنا الله رب العالين، وأن ألق عصاك، فألقاها موسى، فصارت حية تسعى، فلما رآها موسى تضطرب كأنها جانٌّ من الحيات ولَّى هاربًا منها، ولم يلتفت من الخوف، فناداه ربه; يا موسى أقبل إليَّ ولا تَخَفْ؛ إنك من الآمنين من كل مكروه.
اسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوٓءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ ۖ فَذٰنِكَ بُرْهٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلٰى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِيهِۦٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فٰسِقِينَ
أدخل يدك في فتحة قميصك وأخرجها تخرج بيضاء كالثلج مِن غير مرض ولا برص، واضمم إليك يدك لتأمن من الخوف، فهاتان اللتان أريتُكَهما يا موسى; مِن تحوُّل العصا حية، وجَعْلِ يدك بيضاء تلمع من غير مرض ولا برص، آيتان من ربك إلى فرعون وأشراف قومه. إن فرعون وملأه كانوا قومًا كافرين.
قَالَ رَبِّ إِنِّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ
قال موسى; ربِّ إني قتلت من قوم فرعون نفسًا فأخاف أن يقتلوني، وأخي هارون هو أفصح مني نطقًا، فأرسله معي عونًا يصدقني، ويبين لهم عني ما أخاطبهم به، إني أخاف أن يكذبوني في قولي لهم; إني أُرسلت إليهم.
وَأَخِى هٰرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِىٓ ۖ إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ
قال موسى; ربِّ إني قتلت من قوم فرعون نفسًا فأخاف أن يقتلوني، وأخي هارون هو أفصح مني نطقًا، فأرسله معي عونًا يصدقني، ويبين لهم عني ما أخاطبهم به، إني أخاف أن يكذبوني في قولي لهم; إني أُرسلت إليهم.
قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِـَٔايٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغٰلِبُونَ
قال الله لموسى; سنقوِّيك بأخيك، ونجعل لكما حجة على فرعون وقومه فلا يصلون إليكما بسوء. أنتما -يا موسى وهارون- ومَن آمن بكما المنتصرون على فرعون وقومه؛ بسبب آياتنا وما دلَّتْ عليه من الحق.
فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسٰى بِـَٔايٰتِنَا بَيِّنٰتٍ قَالُوا مَا هٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهٰذَا فِىٓ ءَابَآئِنَا الْأَوَّلِينَ
فلما جاء موسى فرعون وملأه بأدلتنا وحججنا شاهدة بحقيقة ما جاء به موسى مِن عند ربه، قالوا لموسى; ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر افتريته كذبًا وباطلا وما سمعنا بهذا الذي تدعونا إليه في أسلافنا الذين مضوا قبلنا.
وَقَالَ مُوسٰى رَبِّىٓ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِالْهُدٰى مِنْ عِندِهِۦ وَمَن تَكُونُ لَهُۥ عٰقِبَةُ الدَّارِ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ الظّٰلِمُونَ
وقال موسى لفرعون; ربي أعلم بالمحقِّ منَّا الذي جاء بالرشاد من عنده، ومَن الذي له العقبى المحمودة في الدار الآخرة، إنه لا يظفر الظالمون بمطلوبهم.
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰٓأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يٰهٰمٰنُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّى صَرْحًا لَّعَلِّىٓ أَطَّلِعُ إِلٰىٓ إِلٰهِ مُوسٰى وَإِنِّى لَأَظُنُّهُۥ مِنَ الْكٰذِبِينَ
وقال فرعون لأشراف قومه; يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري يستحق العبادة، فأشْعِل لي -يا هامان- على الطين نارًا، حتى يشتد، وابْنِ لي بناء عاليًا؛ لعلي أنظر إلى معبود موسى الذي يعبده ويدعو إلى عبادته، وإني لأظنه فيما يقول من الكاذبين.
وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُۥ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوٓا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ
واستعلى فرعون وجنوده في أرض "مصر" بغير الحق عن تصديق موسى واتِّباعه على ما دعاهم إليه، وحسبوا أنهم بعد مماتهم لا يبعثون.
فَأَخَذْنٰهُ وَجُنُودَهُۥ فَنَبَذْنٰهُمْ فِى الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عٰقِبَةُ الظّٰلِمِينَ
فأخذنا فرعون وجنوده، فألقيناهم جميعًا في البحر وأغرقناهم، فانظر -أيها الرسول- كيف كان نهاية هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، فكفروا بربهم؟