وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسٰى تِسْعَ ءَايٰتٍۢ بَيِّنٰتٍ ۖ فَسْـَٔلْ بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُۥ فِرْعَوْنُ إِنِّى لَأَظُنُّكَ يٰمُوسٰى مَسْحُورًا
ولقد آتينا موسى تسع معجزات واضحات شاهدات على صِدْق نبوته وهي; العصا واليد والسنون ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، فاسأل -أيها الرسول- اليهود سؤال تقرير حين جاء موسى أسلافهم بمعجزاته الواضحات، فقال فرعون لموسى; إني لأظنك -يا موسى- ساحرا، مخدوعًا مغلوبًا على عقلك بما تأتيه من غرائب الأفعال.
قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّى لَأَظُنُّكَ يٰفِرْعَوْنُ مَثْبُورًا
فردَّ عليه موسى; لقد تيقَّنتَ -يا فرعون- أنه ما أنزل تلك المعجزات التسع الشاهدة على صدق نبوتي إلا رب السموات والأرض؛ لتكون دلالات يَستدِل بها أولو البصائر على وحدانية الله تعالى في ربوبيته وألوهيته، وإني لعلى يقين أنك -يا فرعون- هالك ملعون مغلوب.
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعًا
فأراد فرعون أن يزعج موسى ويخرجه مع بني إسرائيل مِن أرض "مصر"، فأغرقناه ومَن معه مِن جندٍ في البحر عقابًا لهم.
وَقُلْنَا مِنۢ بَعْدِهِۦ لِبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الْءَاخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا
وقلنا من بعد هلاك فرعون وجنده لبني إسرائيل; اسكنوا أرض "الشام"، فإذا جاء يوم القيامة جئنا بكم جميعًا مِن قبوركم إلى موقف الحساب.
وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنٰهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَآ أَرْسَلْنٰكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
وبالحق أنزلنا هذا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لأمْرِ العباد ونهيهم وثوابهم وعقابهم، وبالصدق والعدل والحفظ من التغيير والتبديل نزل. وما أرسلناك -أيها الرسول- إلا مبشرًا بالجنة لمن أطاع، ومخوفًا بالنار لمن عصى وكفر.
وَقُرْءَانًا فَرَقْنٰهُ لِتَقْرَأَهُۥ عَلَى النَّاسِ عَلٰى مُكْثٍ وَنَزَّلْنٰهُ تَنزِيلًا
وأنزلنا إليك -أيها الرسول- قرآنًا بيَّناه وأحكمناه وفَصَّلناه فارقًا بين الهدى والضلال والحق والباطل؛ لتقرأه على الناس في تؤدة وتمهُّل، ونَزَّلْناه مفرَّقًا، شيئًا بعد شيء، على حسب الحوادث ومقتضيات الأحوال.
قُلْ ءَامِنُوا بِهِۦٓ أَوْ لَا تُؤْمِنُوٓا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِۦٓ إِذَا يُتْلٰى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المكذبين; آمِنوا بالقرآن أو لا تؤمنوا؛ فإن إيمانكم لا يزيده كمالا وتكذيبكم لا يُلْحِق به نقصًا. إن العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة مِن قبل القرآن، وعرفوا حقيقة الوحي، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون على وجوههم لله سبحانه وتعالى.
وَيَقُولُونَ سُبْحٰنَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا
ويقول هؤلاء الذين أوتوا العلم عند سماع القرآن; تنزيهًا لربنا وتبرئة له مما يصفه المشركون به، ما كان وعد الله تعالى من ثواب وعقاب إلا واقعًا حقًا.
وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا
ويقع هؤلاء ساجدين على وجوههم، يبكون تأثرًا بمواعظ القرآن، ويزيدهم سماع القرآن ومواعظه خضوعًا لأمر الله وعظيم قدرته.
قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَآءُ الْحُسْنٰى ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلًا
قل -أيها الرسول- لمشركي قومك الذين أنكروا عليك الدعاء بقولك; يا الله يا رحمن، ادعوا الله، أو ادعوا الرحمن، فبأي أسمائه دعوتموه فإنكم تدعون ربًا واحدًا؛ لأن أسماءه كلها حسنى. ولا تجهر بالقراءة في صلاتك، فيسمعك المشركون، ولا تُسِرَّ بها فلا يسمعك أصحابك، وكن وسطًا بين الجهر والهمس.