فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِى دَارِهِمْ جٰثِمِينَ
فأخذَتْ قومَ شعيب الزلزلةُ الشديدة، فأصبحوا في دارهم صرعى ميتين.
الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخٰسِرِينَ
الذين كذَّبوا شعيبًا كأنهم لم يقيموا في ديارهم، ولم يتمتعوا فيها، حيث استؤصلوا، فلم يبق لهم أثر، وأصابهم الخسران والهلاك في الدنيا والآخرة.
فَتَوَلّٰى عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسٰلٰتِ رَبِّى وَنَصَحْتُ لَكُمْ ۖ فَكَيْفَ ءَاسٰى عَلٰى قَوْمٍ كٰفِرِينَ
فأعرض شعيب عنهم حينما أيقن بحلول العذاب بهم، وقال; يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم بالدخول في دين الله والإقلاع عما أنتم عليه، فلم تسمعوا ولم تطيعوا، فكيف أحزن على قوم جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسله؟
وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّبِىٍّ إِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
وما أرسلنا في قرية من نبي يدعوهم إلى عبادة الله، وينهاهم عمَّا هم فيه من الشرك، فكذَّبه قومه، إلا ابتليناهم بالبأساء والضراء، فأصبناهم في أبدانهم بالأمراض والأسقام، وفي أموالهم بالفقر والحاجة؛ رجاء أن يستكينوا، وينيبوا إلى الله، ويرجعوا إلى الحق.
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتّٰى عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ ءَابَآءَنَا الضَّرَّآءُ وَالسَّرَّآءُ فَأَخَذْنٰهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
ثم بدَّلنا الحالة الطيبة الأولى مكان الحالة السيئة، فأصبحوا في عافية في أبدانهم، وسَعَة ورخاء في أموالهم؛ إمهالا لهم، ولعلهم يشكرون، فلم يُفِد معهم كل ذلك، ولم يعتبروا ولم ينتهوا عمَّا هم فيه، وقالوا; هذه عادة الدهر في أهله، يوم خير ويوم شر، وهو ما جرى لآبائنا من قبل، فأخذناهم بالعذاب فجأة وهم آمنون، لا يخطر لهم الهلاك على بال.
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرٰىٓ ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكٰتٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَالْأَرْضِ وَلٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنٰهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
ولو أنَّ أهل القرى صدَّقوا رسلهم واتبعوهم واجتنبوا ما نهاهم الله عنه، لفتح الله لهم أبواب الخير من كلِّ وجه، ولكنهم كذَّبوا، فعاقبهم الله بالعذاب المهلك بسبب كفرهم ومعاصيهم.
أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرٰىٓ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيٰتًا وَهُمْ نَآئِمُونَ
أيظن أهل القرى أنهم في منجاة ومأمن من عذاب الله، أن يأتيهم ليلا وهم نائمون؟
أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرٰىٓ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ
أوَأمن أهل القرى أن يأتيهم عذاب الله وقت الضحى، وهم غافلون متشاغلون بأمور دنياهم؟ وخصَّ الله هذين الوقتين بالذكر، لأن الإنسان يكون أغْفَل ما يكون فيهما، فمجيء العذاب فيهما أفظع وأشد.
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخٰسِرُونَ
أفأمن أهل القرى المكذبة مَكْرَ الله وإمهاله لهم؛ استدراجًا لهم بما أنعم عليهم في دنياهم عقوبة لمكرهم؟ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الهالكون.
أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنۢ بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنٰهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلٰى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ
أوَلم يتبين للذين سكنوا الأرض من بعد إهلاك أهلها السابقين بسبب معاصيهم، فساروا سيرتهم، أن لو نشاء أصبناهم بسبب ذنوبهم كما فعلنا بأسلافهم، ونختم على قلوبهم، فلا يدخلها الحق، ولا يسمعون موعظة ولا تذكيرًا؟