وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ
وكثير من القرى كان أهلها ظالمين بكفرهم بما جاءتهم به رسلهم، فأهلكناهم بعذاب أبادهم جميعًا، وأوجدنا بعدهم قومًا آخرين سواهم.
فَلَمَّآ أَحَسُّوا بَأْسَنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ
فلما رأى هؤلاء الظالمون عذابنا الشديد نازلا بهم، وشاهدوا بوادره، إذا هم من قريتهم يسرعون هاربين.
لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوٓا إِلٰى مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسٰكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْـَٔلُونَ
فنودوا في هذه الحال; لا تهربوا وارجعوا إلى لذاتكم وتنعُّمكم في دنياكم الملهية ومساكنكم المشيَّدة، لعلكم تُسألون من دنياكم شيئًا، وذلك على وجه السخرية والاستهزاء بهم.
قَالُوا يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظٰلِمِينَ
فلم يكن لهم من جواب إلا اعترافهم بجرمهم وقولهم; يا هلاكنا، فقد ظلمنا أنفسنا بكفرنا.
فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوٰىهُمْ حَتّٰى جَعَلْنٰهُمْ حَصِيدًا خٰمِدِينَ
فما زالت تلك المقالة - وهي الدعاء على أنفسهم بالهلاك، والاعتراف بالظلم - دَعْوَتَهم يرددونها حتى جعلناهم كالزرع المحصود، خامدين لا حياة فيهم. فاحذروا - أيها المخاطبون - أن تستمروا على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، فيحلُّ بكم ما حَلَّ بالأمم قبلكم.
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لٰعِبِينَ
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما عبثًا وباطلا بل لإقامة الحجة عليكم - أيها الناس - ولتعتبروا بذلك كله، فتعلموا أن الذي خلق ذلك لا يشبهه شيء، ولا تصلح العبادة إلا له.
لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فٰعِلِينَ
لو أردنا أن نتخذ لهوًا من الولد أو الصاحبة لاتخذناه من عندنا لا من عندكم، ما كنا فاعلين ذلك؛ لاستحالة أن يكون لنا ولد أو صاحبة.
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبٰطِلِ فَيَدْمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ
بل نقذف بالحق ونبيِّنه، فيدحض الباطل، فإذا هو ذاهب مضمحل. ولكم العذاب في الآخرة - أيها المشركون - مِن وَصْفكم ربكم بغير صفته اللائقة به.
وَلَهُۥ مَن فِى السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِندَهُۥ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ
ولله سبحانه كل مَن في السموات والأرض، والذين عنده من الملائكة لا يأنَفُون عن عبادته ولا يملُّونها. فكيف يجوز أن يشرك به ما هو عبده وخلقه؟
يُسَبِّحُونَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ
يذكرون الله وينزِّهونه دائمًا، لا يضْعُفون ولا يسأمون.