فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هٰذِهِۦ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسٰى وَمَن مَّعَهُۥٓ ۗ أَلَآ إِنَّمَا طٰٓئِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
فإذا جاء فرعونَ وقومَه الخِصْبُ والرزقُ قالوا; هذا لنا بما نستحقه، وإن يُصِبْهم جدب وقحط يتشاءموا، ويقولوا; هذا بسبب موسى ومَن معه. ألا إنَّ ما يصيبهم من الجدب والقحط إنما هو بقضاء الله وقدره، وبسبب ذنوبهم وكفرهم، ولكن أكثر قوم فرعون لا يعلمون ذلك؛ لانغمارهم في الجهل والضلال.
وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِۦ مِنْ ءَايَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ
وقال قوم فرعون لموسى; أي آية تأتِنا بها، ودلالة وحجة أقمتها لتصرفنا عما نحن عليه من دين فرعون، فما نحن لك بمصدِّقين.
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ءَايٰتٍ مُّفَصَّلٰتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ
فأرسلنا عليهم سيلا جارفًا أغرق الزروع والثمار، وأرسلنا الجراد، فأكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم، وأرسلنا القُمَّل الذي يفسد الثمار ويقضي على الحيوان والنبات، وأرسلنا الضفادع فملأت آنيتهم وأطعمتهم ومضاجعهم، وأرسلنا أيضًا الدم فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا، ولم يجدوا ماء صالحًا للشرب، هذه آيات من آيات الله لا يقدر عليها غيره، مفرقات بعضها عن بعض، ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون، فاستكبروا عن الإيمان بالله، وكانوا قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا وتمردًا.
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يٰمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ۖ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ
ولما نزل العذاب على فرعون وقومه فزعوا إلى موسى وقالوا; يا موسى ادع لنا ربك بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة، لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه لنصدِّقنَّ بما جئت به، ونتبع ما دعوت إليه، ولنطلقنَّ معك بني إسرائيل، فلا نمنعهم من أن يذهبوا حيث شاؤوا.
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلٰىٓ أَجَلٍ هُم بٰلِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ
فلما رفع الله عنهم العذاب الذى أنزله بهم إلى أجلٍ هم بالغوه لا محالة فيعذبون فيه، لا ينفعهم ما تقدَّم لهم من الإمهال وكَشْفِ العذاب إلى حلوله، إذا هم ينقضون عهودهم التي عاهدوا عليها ربهم وموسى، ويقيمون على كفرهم وضلالهم.
فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنٰهُمْ فِى الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِـَٔايٰتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غٰفِلِينَ
فانتقمنا منهم حين جاء الأجل المحدد لإهلاكهم، وذلك بإحلال نقمتنا عليهم، وهي إغراقهم في البحر؛ بسبب تكذيبهم بالمعجزات التي ظهرت على يد موسى، وكانوا عن هذه المعجزات غافلين، وتلك الغفلة هي سبب التكذيب.
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشٰرِقَ الْأَرْضِ وَمَغٰرِبَهَا الَّتِى بٰرَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنٰى عَلٰى بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُۥ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
وأررثنا بني إسرائيل الذين كانوا يُستَذَلُّون للخدمة، مشارق الأرض ومغاربها (وهي بلاد "الشام") التي باركنا فيها، بإخراج الزروع والثمار والأنهار، وتمت كلمة ربك -أيها الرسول- الحسنى على بني إسرائيل بالتمكين لهم في الأرض؛ بسبب صبرهم على أذى فرعون وقومه، ودمَّرنا ما كان يصنع فرعون وقومه من العمارات والمزارع، وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور وغير ذلك.
وَجٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلٰى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلٰىٓ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يٰمُوسَى اجْعَل لَّنَآ إِلٰهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
وقطعنا ببني إسرائيل البحر، فمرُّوا على قوم يقيمون ويواظبون على عبادة أصنام لهم، قال بنو إسرائيل; اجعل لنا يا موسى صنمًا نعبده ونتخذه إلهًا، كما لهؤلاء القوم أصنام يعبدونها، قال موسى لهم; إنكم أيها القوم تجهلون عظمة الله، ولا تعلمون أن العبادة لا تنبغي إلا لله الواحد القهار.
إِنَّ هٰٓؤُلَآءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبٰطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
إن هؤلاء المقيمين على هذه الأصنام مُهْلَك ما هم فيه من الشرك، ومدمَّر وباطل ما كانوا يعملون من عبادتهم لتلك الأصنام، التي لا تدفع عنهم عذاب الله إذا نزل بهم.
قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعٰلَمِينَ
قال موسى لقومه; أغير الله أطلب لكم معبودًا تعبدونه من دونه، والله هو الذي خلقكم، وفضَّلكم على عالمي زمانكم بكثرة الأنبياء فيكم، وإهلاك عدوكم وما خصَّكم به من الآيات؟